أحدث الأبحاث

بدائل "المواد الأبدية"

نشرت بتاريخ 19 يوليو 2024

لا مستقبل دون استخدام هذه المركبات.. لكن مخاطرها الصحية تستلزم البحث عن بدائل

محمد منصور

محمد عطية الباحث في وكالة حماية البيئة الأمريكية
محمد عطية الباحث في وكالة حماية البيئة الأمريكية
Mohamed Ateia Enlarge image

يُطلق على مركبات "بير وبولي فلورو ألكيل" (PFAS) اسم "المواد الأبدية"؛ إذ تقاوم التحلل في البيئة، ما يجعلها تتراكم في الأماكن الداخلية والخارجية، وتمثل مخاطر صحية وبيئية كبيرة.

 

وهذه المركبات ليست مجموعةً واحدةً من المركبات الكيمائية؛ إذ تمثل أكثر من 10 آلاف مادة صناعية تُعرف بقدرتها على مقاومة الحرارة والماء والزيت ومقاومة البقع.

 

وتدخل تلك المركبات في العديد من التطبيقات، بدءًا من الطلاءات غير اللاصقة وحتى رغاوي مكافحة الحرائق وتغليف المواد الغذائية، ومع ذلك فإن استمرارها في البيئة والمخاطر الصحية المحتملة حفزت العالم نحو إيجاد بدائل أكثر أمانًا.

 

ووفق دراسة نشرتها دورية "ساينس" أمس "الخميس"، 18 يوليو، كثفت اللوائح والإجراءات القانونية الأخيرة البحث عن بدائل خالية من هذه المركبات، ففي أكتوبر 2023، توقفت وزارة الدفاع الأمريكية عن شراء رغاوي مكافحة الحرائق المحتوية على هذه المواد، وبدأت في إدراج الخيارات الخالية من الفلور، كما يعمل الاتحاد الأوروبي أيضًا على تقييد استخدامها في العديد من التطبيقات.

 

يقول محمد عطية، الباحث في وكالة حماية البيئة الأمريكية، والمؤلف الرئيسي للدراسة: إن التأثير الاقتصادي لهذه المركبات كبير، وتقدر تكلفتها بـ16 تريليون دولار سنويًّا حول العالم، كما أن المخاطر الصحية المرتبطة بهذه المركبات -بما في ذلك الروابط المحتملة للسرطان وتأثيرات الجهاز المناعي- تستوجب إيجاد بدائل أكثر أمانًا.

 

يضيف "عطية" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تتميز هذه المركبات بخصائص فريدة مثل الثبات الشديد وانخفاض قابلية الإزالة من الماء، والتي تجعل العثور على بدائل لها أمرًا صعبًا.

 

بالإضافة إلى ذلك، فإن الاعتماد المجتمعي على هذه المركبات في مختلِف الصناعات -من المنسوجات إلى الإلكترونيات- يعقد عملية التخلص التدريجي، وبالتالي تتطلب إستراتيجيات الاستبدال الفعالة فهمًا شاملًا لاستخدامات PFAS، ومسارات التعرُّض، والآثار المجتمعي، وفق "عطية".

 

وتشير الدراسة إلى أن العديد من الصناعات بدأت في التحول بعيدًا عن هذه المركبات، فعلى سبيل المثال، قطعت صناعات مثل المنسوجات وتغليف المواد الغذائية ومستحضرات التجميل خطواتٍ واسعةً في اعتماد بدائل خالية منها، ومع ذلك، فإن التخلص التدريجي منها يتطلب تجنُّب البدائل الخطيرة؛ فقد تمثل المواد الكيميائية الجديدة مخاطر مماثلة أو جديدة.

ويوصي المؤلف المشارك في الدراسة "مارتن شيرينجر" بتعاون الصناعات معًا لتبادل المعرفة والتعلم من أولئك الذين ينتقلون بالفعل بعيدًا عن هذه المركبات.

 

ويقول "عطية": منصات تبادل البيانات المفتوحة يمكن أن تؤدي دورًا حاسمًا في الحد من ازدواجية الجهود وتسريع تطوير البدائل الخالية من هذه المركبات، وتعظيم المعرفة الجماعية، وتسهيل تحديد المواد الكيميائية الأكثر أمانًا واعتمادها، كما أن دمج مبادئ الكيمياء الخضراء في تصميم المواد الجديدة يمكن أن يساعد في تحقيق التوازن بين الأداء والصحة وحماية البيئة.

 

وفي حين أظهرت بعض الصناعات أن التحول بعيدًا عن هذه المركبات أمرٌ ممكن، فإن صناعات أخرى -مثل قطاعات أشباه الموصلات والفضاء- تواجه تحدياتٍ أكبر.

 

يقول "شيرينجر": العمل مع علماء المواد والمهندسين لإيجاد بدائل أفضل قد يستغرق وقتًا أطول من البحث والتطوير، ولكن التقدم ممكن في كثير من الأحيان.

 

ويؤكد "عطية" أن المستقبل دون استخدام هذه المركبات "غير موجود، ورحلة استبدالها مليئة بالتعقيدات والمقايضات".

 

لكنه يضيف في الوقت ذاته قائلًا: ومع ذلك، فإن المخاطر الصحية والبيئية التي تمثلها تلك المركبات تستلزم التعاون والبحث عن أساليب مبتكرة، والالتزام بالإشراف الصحي والبيئي حتى يمكن تحقيق عالم يقل فيه التعرض لها.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.222