أخبار

كيف يؤثر رعي الماشية على الأراضي الجافة؟

نشرت بتاريخ 23 أغسطس 2024

تمثل الأراضي الجافة أكثر من 80% من مساحة إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. وتعمل كخزان عالمي للتنوع الظاهري للنباتات

محمد السعيد

57٪ من تنوع السمات الملحوظ حدث فقط في الأراضي الأكثر جفافًا وتعرضًا لممارسات الرعي
57٪ من تنوع السمات الملحوظ حدث فقط في الأراضي الأكثر جفافًا وتعرضًا لممارسات الرعي
2024 KAUST; Sergio Velasco Ayuso Enlarge image

أدى تزايُد الضغوط البيئية -مثل الجفاف والرعي في البيئات الصحراوية- إلى حدوث تنوع في السمات الطبيعية للنباتات فوق عتبة قيمة القحولة البالغة 0.7، وهو أمرٌ مخالفٌ للتوقعات المبدئية السابقة لدى علماء البيئة الذين افترضوا أن الضغوط البيئية تتسبب في انخفاض مستويات التنوع النباتي. 

ووفق دراسة أعدها باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في السعودية (كاوست)، ونشرتها مجلة "نيتشر" (Nature)، فإن تنوع السمات النباتية الذي أنعشه الجفاف والرعي شمل السمات الرئيسية المرتبطة بدورة مغذيات النبات، مثل مساحة ورقة النبات، والتركيب الكيميائي للأوراق. 

لكن الأمر المهم هو أن 57٪ من تنوع السمات الملحوظ حدث فقط في الأراضي الأكثر جفافًا وتعرضًا لممارسات الرعي، "وهو ما يسلط الضوء على التنوع الوظيفي الفريد للنباتات في هذه البيئات المتطرفة"، وفق الباحثين.

يقول "فرناندو مايستر"، أستاذ علوم وهندسة البيئة في قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في "كاوست"، والمؤلف المشارك في الدراسة: "أدت الزيادة في الجفاف وضغوط الرعي إلى زيادة التنوع الوظيفي للنباتات، وبشكل أكثر تحديدًا، أدى تجاوز عتبة القحولة البالغة حوالي 0.7 إلى زيادة غير متوقعة بنسبة 88٪ في تنوع السمات، وقد ظهرت هذه العتبة في وجود الرعاة، وانتقلت نحو مستويات الجفاف المنخفضة مع زيادة ضغط الرعي". 

ويضيف: ركزت المبادرات العالمية التي تستهدف وصف تنوع السمات النباتية على مورفولوجيا النبات، لكنها أهملت تنوع العناصر الكيميائية التي تدعم بقاء النبات ونموه.

ويتابع: إن تركيز العناصر الكيميائية في أوراق النبات له آثار كبيرة على نمو النبات، ويحدد كيفية استجابة النباتات لضغط الرعي وندرة المياه. 

وتشير الدراسة إلى أن الأراضي الجافة تعمل كخزان عالمي للتنوع المورفولوجي "الظاهري" للنباتات وتتحدى الرأي السائد بأن الظروف البيئية القاسية تقلل من تنوع أشكال النباتات ووظائفها، كما تسلط الضوء على أن العديد من الإستراتيجيات البديلة قد تمكن النباتات من التعامل مع الزيادات في الضغوط البيئية، وفق تصريحات "مايستر" لـ"نيتشر ميدل إيست". 

جاءت الدراسة كجزء من المسح العالمي BIODESER، واستغرق العمل الميداني والمختبري أكثر من 4 سنوات في الفترة من 2016 إلى 2020، في حين استغرق تنظيم البيانات وتحليلها، وكتابة المخطوطة ومراجعتها أكثر من ثلاث سنوات. 

واختار المؤلفون 98 موقعًا من 25 دولة تمثل تدرج الجفاف على مستوى العالم، وشمل كل موقع عدة مناطق تمتد على مستويات محلية لضغوط الرعي بإجمالي 326 منطقة تم مسحها، قاس الفريق السمات المتعلقة بتركيز 14 عنصرًا كيميائيًّا في أوراق النبات، وحجم الورقة والنبات، ونسبة الكربون في الورقة. 

ورغم أنها تغطي أكثر من 45% من سطح الأرض، فإن الأراضي الجافة تمثل أقل من 10% من بيانات السمات الوظيفية الموجودة في قواعد البيانات المتاحة عالميًّا.

وتمثل الأراضي الجافة ما يزيد عن 80% من مساحة إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويتصف الإقليم بأن إجمالي كميات التساقط المطري السنوي فيه لا تتعدى في المتوسط العام 200 ملم، ما يضع المنطقة ضمن أكثر أقاليم العالم جفافًا، وفق "عبد الحميد أحمد"، أستاذ الجغرافيا الطبيعية المساعد في جامعة المنصورة.

 

فرناندو مايستر أستاذ علوم وهندسة البيئة في قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في كاوست
فرناندو مايستر أستاذ علوم وهندسة البيئة في قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية في كاوست
Enlarge image

يضيف "أحمد" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": العلاقات بين النظم البيئية والمناخ وظروف التربة والتنوع النباتي تعتمد على مستوى ضغط الرعي، كما تتفاوت استجابة بعض مكونات النظام البيئي للمناخ باختلاف ضغط الرعي المحلي. 

ويُرجع "مايستر" الدافع وراء إجراء الدراسة إلى "الرغبة في معرفة كيفية استجابة النباتات للتغيرات في الظروف البيئية وضغط الرعي عبر الأراضي الجافة في جميع أنحاء العالم". 

ويضيف "مايستر": تسلط الدراسة الضوء على كيفية تشكيل سمات النبات من خلال الزيادات المشتركة في الجفاف وضغط الرعي، مثل تلك المتوقعة في ظل تغير المناخ وتكثيف استخدام الأراضي، ونخطط لتوسيع نطاق مسح BIODESERT ليشمل النظم البيئية الجافة وشديدة القحولة في السعودية، ونستهدف مراقبة النظم البيئية الأرضية السعودية، وتقديم رؤى مهمة حول كيفية استجابة التنوع النباتي في المملكة لتغير المناخ، وتوجيه اختيار الأنواع الأكثر ملاءمةً لكل منطقة لاستخدامها في برامج التشجير الجارية والمستقبلية.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.265