أخبار

باحث مصري يبتكر طريقة ثورية لمشاهدة التفاعل على مستوى الجينوم

نشرت بتاريخ 29 أغسطس 2024

تستطيع التقنية الجديدة دراسة الحركة الدقيقة للجزيئات داخل الخلايا الحية.. ما يُمهد لفهم أفضل للأمراض

محمد منصور

هيثم شعبان الباحث في مركز أغورا
لأبحاث السرطان

هيثم شعبان الباحث في مركز أغورا لأبحاث السرطان


Haitham A. Shaban Enlarge image

طور باحث مصري تقنية جديدة لدراسة الحركات الدقيقة لجزيئات المادة الوراثية والبروتينات على مستوى النانومتر داخل نواة الخلية.

 

والتقنية الجديدة -المعروفة باسم "رسم خرائط الانتشار عالي الدقة"- يُمكنها دراسة حركة الحمض النووي والبروتينات المرتبطة به داخل نواة الخلايا الحية، والتقنية ليست مجرد أداة تصوير، بل نظام متكامل قادر على اكتشاف المادة الوراثية وتصنيفها ورسم خريطة لتحركاتها وتحليل البيانات من جميع أنحاء الجينوم في الخلايا الحية.

 

والطريقة التي تتحرك بها المادة الوراثية داخل النواة أمرٌ حاسمٌ وحيوي في تنظيم الجينوم وتعبير الجينات، إذ يمكن من خلال دراسة هذه الحركات تحديد كيفية فتح أجزاء معينة من الجينوم وغلقها للتحكم في نشاط الجينات.

 

وتعكس هذه الحركة تفاعُل الجزيئات مع بيئتها المحيطة، بما في ذلك التفاعلات مع بروتينات أخرى أو مكونات النواة.

ويُمكن استخدام التقنية الجديدة لفهم الطريقة التي تستجيب بها الخلايا للتغيرات في الظروف الداخلية أو الخارجية.

 

ولأن حركة الحمض النووي والبروتينات المسؤولة عن إصلاحه تعتبر أمرًا حاسمًا في الحفاظ على استقرار الجينوم، فدراسة هذه الحركات تسهم في فهم عمليات الإصلاح التي تحدث عند تلف الحمض النووي، وهو ما يساعد في الوقاية من تطور السرطان والأمراض الجينية.

Enlarge image
 

وترتبط التغيرات غير الطبيعية في حركة الجزيئات داخل النواة بظهور الأمراض، ما يجعل فهم هذه الحركات ضروريًّا لتطوير إستراتيجيات جديدة للتشخيص والعلاج، خاصةً في حالات الأمراض المرتبطة بالجزيئات النووية مثل السرطان والاضطرابات الوراثية.

 

وعلى المستوى الأساسي، فإن فهم ديناميات الحركة داخل الخلية يعزز من معرفتنا بالبيولوجيا الخلوية والجزيئية، ما يمهد الطريق لاكتشافات جديدة، ويعزز القدرة على التعامل مع الأمراض وتحسين صحة الإنسان بشكل عام.

 

ووفق الباحث في مركز "أغورا" لأبحاث السرطان والمؤلف الرئيسي للدراسة "هيثم شعبان"، الذي يقود مجموعة بحثية في كلية الطب بجامعة جنيف السويسرية، تستطيع التقنية الجديدة مشاهدة التفاعلات داخل المادة الوراثية في الوقت الفعلي، ودراسة حركة البروتينات النووية الوظيفية على نحوٍ دقيق.

 

ووفق الدراسة التي نشرتها دورية "نيتشر بروتوكول" (Nature Protocols)، يُمكن أن تُستخدم التقنية الجديدة كأداة رخيصة لتشخيص الأمراض المختلفة.

 

Enlarge image

وتعتمد على استخدام حسابات معقدة تجمع بين تتبُّع حركة المادة الوراثية والبروتينات في جميع أنحاء الجينوم، وتحديد الخصائص الفيزيائية لهذه الحركة بدقة متناهية تصل إلى النانومتر، وعبر استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، يستطيع الباحثون رسم خرائط لكامل الجينوم بسرعة وسهولة ويُسر.

 

ووفق المؤلف المشارك للدراسة "رومان بارث"، الذي يعمل في قسم علوم الأحياء الدقيقة بجامعة دلفت الهولندية، تعتمد التقنية على استخدام التدفق الضوئي الكثيف للكشف عن حركة الجزيئات، إذ يتم تصوير هذه الحركة بدقة عالية باستخدام تقنيات تصوير مثل الميكروسكوب القرصي الدوراني والميكروسكوب فائق الدقة، ثم تُستخدم خوارزميات حسابية لتحليل بيانات هذه الحركات وتصنيفها وفقًا لمعايير فيزيائية حيوية.

 

لمشاهدة حركة الجزيئات داخل الخلية، يستخدم العلماء تقنياتٍ مختلفةً مثل الفلوريسنس والتعقب الفردي للجزيئات، وعلى الرغم من أن تلك الأدوات قوية لدراسة ديناميات حركة الجزيئات داخل الخلية، فإنها تحتاج إلى موارد حاسوبية كبيرة وتعمل على خلايا ميتة ولا تغطي كامل الجينوم.

 

ويقول "شعبان": إن الميزة الأساسية للتقنية الجديدة تتعلق بكونها رخيصة الثمن، وسهلة الاستخدام، ولا تحتاج إلى موارد كبيرة أو تدريب كثيف، واصفًا إياها بأنها "خطوة هائلة نحو فهم أفضل لحركية الجينوم داخل الخلايا الحية؛ إذ ستمكن العلماء من دراسة ديناميكيات الجزيئات داخل الخلايا الحية، بدقة غير مسبوقة دون أيّ تعقيدات".

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.272