أخبار

الجروح غير المرئية للحرب: ألم دائم لفقدان الأحباب

نشرت بتاريخ 7 أغسطس 2024

استهدف الباحثون دراسة التأثير طويل الأمد للوفيات الناجمة عن الصراعات المسلحة على الأشخاص الأحياء في 16 دولة.. بينها سوريا والعراق وفلسطين واليمن

سمر أشرف

الحد من ضحايا الحرب يساعد على كسر دورات العنف
الحد من ضحايا الحرب يساعد على كسر دورات العنف
AAREF WATAD/AFP via Getty Images Enlarge image

في كل عام، يتأثر مئات الآلاف من الأشخاص بالصراعات المسلحة، سواء بشكل مباشر من خلال فقدان الأرواح، أو بشكل غير مباشر بسبب فقدان أفراد الأسرة، في ظل معاناة لا تنتهي حتى لو توقف القتال.

 

ويبقى السؤال: إلى أي مدى يتأثر السكان الناجون في المجتمعات التي مزقتها الحروب والصراعات المسلحة؟

 

سؤال حاول فريق بحثي في معهد ماكس بلانك للبحوث الديموغرافية ومركز الدراسات الديموغرافية في برشلونة الإسبانية وجامعة واشنطن الإجابة عنه من خلال دراسة مدى ومدة الشعور بالفجيعة وألم الفَقد بين أولئك الذين فقدوا أفرادًا من عائلاتهم في مجموعة من البلدان التي تعاني من صراعات مسلحة.

 

تكشف نتائج الدراسة -التي نشرتها دورية "ساينس أدفانسس" (Science Advances)- أن "صدمة الحزن تؤثر على العديد من أقارب كل ضحية، وأن هذا الحزن يمكن أن يستمر عقودًا من الزمان، ففي سوريا -على سبيل المثال- تترك كل وفاة ما يعادل أربعة أقارب مدمرين".

 

تأثير عميق

 

استهدف الباحثون قياس مدى شيوع فقدان طفل أو أحد الوالدين بسبب الحرب في 16 دولة، بينها سوريا والعراق وفلسطين وليبيا واليمن، عانت من خسائر بشرية كبيرة بسبب الصراعات بين عامي 1989 و2023.

 

جمع الباحثون البيانات من مصادر متعددة، تتضمن منظمة الأمم المتحدة وقاعدة بيانات (UCDP) وبرنامج بيانات الصراعات في أوبسالا، ومشروع بتسيلم B’Tselem، وطوروا بعض النماذج الديموغرافية لدراسة تلك البيانات وتحليلها، وكشف تحليلهم أن  "التأثير العميق للحزن سيستمر سنوات عديدة في هذه البلدان، حتى لو انتهت الصراعات".

 

يقول دييجو ألبوريز-جوتيريز، قائد الفريق البحثي، ورئيس مجموعة أبحاث عدم المساواة بين الأقارب في معهد ماكس بلانك للبحوث الديموغرافية: "في فلسطين واليمن وأوكرانيا وبلاد أخرى، يعاني ملايين الناجين من الحزن العميق لفقدان أحبائهم، وهذه الخسائر تزعزع استقرار الأسر، ويمكن أن تؤدي إلى تصعيد العنف في المستقبل".

 

ويوضح "دييجو" الآثار طويلة المدى على أهل الضحايا قائلًا: يواجه الأفراد المفجوعون مخاطر أعلى من مشكلات الصحة العقلية، وإدمان المخدرات، والأمراض الجسدية، فضلًا عن فقدان الدعم العاطفي والمالي.

 

يقول "دييجو" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": يجب حل النزاعات في الوقت المناسب وتقديم الدعم لأهالي الضحايا، إن الحد من ضحايا الحرب يساعدنا على كسر دورات العنف، هذا ليس مجرد ضرورة إنسانية، بل هو أمرٌ ضروري للاستقرار والأمن العالميين.

 

منهجية بحثية

 

من جهته، يشيد أشتون فيرديري -أستاذ علم الاجتماع والديموغرافيا وتحليل البيانات الاجتماعية في جامعة ولاية بنسلفانيا- بنتائج الدراسة.

 يقول "فيرديري" في تصريحات لـ"نيتشر ميدل إيست": تستخدم الدراسة أساليب تعتمد على النماذج الديموغرافية، وهذا مجال جديد ومثير للبحث يتجاوز مناهج المسح الديموغرافي التقليدية، مثل الاستبانات، وهو ما يمكن أن يساعد في تسليط الضوء على الحاجة إلى التعامل مع العديد من العواقب السلبية المترتبة على فقدان أحد أفراد الأسرة.

 

لكن "فيرديري" يرى -في الوقت ذاته- أن الدراسة لا تأخذ في الاعتبار مجموعات أوسع من العلاقات، مثل أبناء وبنات الأخ والأخت، الذين قد يكون فقدانهم محسوسًا بشكل حاد، كما أنها لا تأخذ في الاعتبار تجربة سكان الشتات (مثل الأوكرانيين الذين يعيشون في بولندا)، والذين قد يتأثرون أيضًا بشكل كبير بهذه الخسائر.

 

وتقول إيمي هاجوبيان، أستاذ النظم الصحية وصحة السكان في كلية الصحة العامة بجامعة واشنطن، وغير المشاركة في الدراسة: يقدم الفريق البحثي نهجًا فنيًّا لقياس عاطفة إنسانية عميقة هي "الحزن والأسى"، ومن الجيد أن يكون لدينا وسيلة لقياس ذلك.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.244