أخبار

تعرَّف على الاختلافات بين بعض أشهر أدوية إنقاص الوزن الحديثة

نشرت بتاريخ 19 سبتمبر 2024

«ويجوفي» Wegovy و«زيباوند» Zepbound، وما يناظرهما من الأدوية، جميعها يسبب تحسُن عملية الأيض، غير أنها تختلف عن بعضها البعض، كما يفيد علماء بدأوا في الوقوف على هذه الاختلافات.

بقلم ماريانا لنهارو

بدأت تتكتشف اختلافات بين أدوية إنقاص الوزن وعلاج السكري التي تستهدف مستقبلات الهرمون GLP-1.
بدأت تتكتشف اختلافات بين أدوية إنقاص الوزن وعلاج السكري التي تستهدف مستقبلات الهرمون GLP-1.
حقوق نشر الصورة: Michael Siluk/UCG/Universal Images Group/Getty

بفضل مجموعة من عقاقير التخسيس التي تسبب فقدان كم هائل من الوزن طرأت طفرة على أساليب علاج السمنة؛ أتاحت للمستهلكين للمرة الأولى متسع من الخيارات الدوائية لفقدان الوزن. واليوم، بدأت أبحاث في رصد أوجه الاختلاف بين هذه العقاقير التي تتشابه رغم ذلك في آلية عملها.

فجانب من مفعول عقاقير مثل عقار «سيماجلوتيد» Semaglutide و«تيرزيباتيد»Tirzepatide، وغيرهما من العقاقير المُبتكرة حديثًا لعلاج السمنة والاضطرابات الأيضية يتحقق من خلال محاكاة تأثير هرمون طبيعي يُسمى بـ«الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1»، أو اختصارًا (GLP-1). غير أن بعض الدراسات وجدت أن هذه العقاقير تختلف عن بعضها البعض، من حيث قدرتها على منع الإصابة بأمراض مثل داء السكري من النوع الثاني1، وبعضها أقدر على إنقاص الوزن بصورة أكبر من نظائره2. كذلك تختلف هذه الفئة من العقاقير عن الجيل الأقدم من العقاقير المحاكية لتأثير هرمون (GLP-1). إذ تدل أبحاث على أن بعض هذه العقاقير الأقدم قد يكون أكثر فعالية من نظائره الأحدث في مواجهة أمراض التنكس العصبي، مثل داء باركنسون3.

والوقوف على هذه الاختلافات قد يساعد الأطباء في تصميم علاجات أفضل، بحسب ما تفيد بيفرلي تشانج، اختصاصية الغدد الصماء من كلية ويل كورنيل للطب في مدينة نيويورك الأمريكية. فتقول، لافتة إلى نتائج دراسة»4خلصت إلى أن عقار «سيماجلوتيد» يُقلص احتمالية الإصابة بالاضطرابات القلبية الوعائية بين المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية: "على سبيل المثال، في حال المصابين بالسمنة ممن يعانون أيضًا مرضًا قلبيًا وعائيًا، أميل إلى اللجوء أولًا لعقار «سيماجلوتيد»، عوضًا عن عقار «تيرزيباتيد، لأن لدينا من البيانات ما يدلنا على القيام بذلك". على أنها تضيف أنها قد تلجأ إلى خيار مختلف في حال من يصابون بانقطاع النفس أثناء النوم، وتورد هنا نتائج دراسة أخرى5 خلصت إلى أن عقار «تيرزيباتيد» يقلل العوارض المميزة لهذه الحالة بين المصابين بالسمنة.

مقارنة للوصول إلى الأفضل

من أمثلة عقاقير إنقاص الوزن الأكثر مبيعًا، عقار «سيماجلوتيد» الذي يباع بالاسم التجاري «أوزمبِك»Ozempic أو «ويجوفي»، وعقار «تيرزبياتيد»، الذي يباع بالاسم التجاري «مونجارو» Mounjaro أو «زيباوند» Zepbound. وفي إطار المقارنة بين هذه العقاقير، وجدت دراسة نُشرت هذا الشهر1 أن عقار «تيرزيباتيد» يتفوق على عقار «سيماجلوتيد» في الحيلولة دون الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بين المصابين بالسمنة. في حين خلصت دراسة أخرى2 إلى أن عقار «تيرزيباتيد» ارتبط أيضًا استخدامه بتحقيق خسارة وزن أكبر من تلك التي يحققها عقار «سيماجلوتيد» بين أصحاب الوزن الزائد والمصابين بداء السكري. وفي الوقت الحالي، يترقب الباحثون بلهفة صدور نتائج دراسة عشوائية ذات مجموعات مقارنة، تقارن بين فعالية كل من «سيماجلوتيد» و«تيرزيباتيد» فيما يخص القدرة على إنقاص الوزن، وهو ما من شأنه أن يقدم أجوبة أكثر حسمًا مقارنة بتلك التي قدمتها الدراسات السابقة التي قارنت بين التاريخ الطبي للمرضى وحالتهم بعد العلاج.

تجدر الإشارة إلى أن كل من العقارين يحاكي تأثير هرمون GLP-1، الذي يلعب دورًا في تنظيم سكر الدم وكبح الشهية. ويسمح هذا لهما بتنشيط مستقبلات ينشطها عادة هرمون GLP-1.

كذلك يحاكي عقار «تيرزيباتيد» تأثير هرمون آخر يُسمى «عديد الببتيد المِعدي المثبط» أو اختصارًا GIP، والذي يلعب دورًا في أيض الدهون. من ثم، ينشط هذا العقار كلا نوعي المستقبلات التي ينشطها عادة الهرمونين GLP-1، وGIP.

غير أن تشانج ترى أن الزعم بأن هذا التفوق الواضح لعقار «تيرزيباتيد» مرده إلى أنه يستهدف هرمونين عوضًا عن واحد، لهو ضرب من الاختزال والتبسيط المفرط؛ فتقول: "لا ينشِّط عقار «تيرزيباتيد» مستقبلات الهرمونين GLP-1، وGIP بصورة متكافئة". فالعقار يرتبط كيميائيًا بمستقبلات الهرمون GIP بكفاءة أكبر من تلك التي يرتبط بها بمستقبلات الهرمون GLP-1. ووفقًا لإحدى الفرضيات، فإن تأثير هذا العقار المحاكي لهرمون GIP يعزز فقدان الوزن الذي يحفزه الهرمون GLP-1، رغم أن تنشيطه أضعف لمستقبلات الهرمون GLP-1.

من هنا، أخذت شركة «أمجِن» Amgen للتقنيات الحيوية الكائنة في مدينة ثاوزند أوكس بولاية كاليفورنيا الأمريكية في تطوير عقار تجريبي آخر يستهدف مستقبلات كل من الهرمونين GLP-1، وGIP. غير أن هذا العقار، بعكس عقار «تيرزيباتيد» لا ينشط مستقبلات الهرمون GIP، وإنما يعطلها. وقد أظهر نتائج واعدة على صعيد خسارة الوزن في المراحل المبكرة من تجربة إكلينيكية6.

واليوم، يسعى بعض العلماء إلى الخروج بتفسير للسبب الذي يجعل فقدان الوزن يتحقق في كلتا الحالتين: عند تنشيط مستقبلات الهرمونين سالفي الذكر، وعند تنشيط مستقبلات الهرمون GLP-1 مع تعطيل مستقبلات الهرمون GIP. في هذا الإطار يقول دانيال دروكر، اختصاصي الغدد الصماء من جامعة ولاية تورونتو في كندا: "خرجت نظريات وبدأ البعض في إجراء أبحاث حول السبب، لكن أعتقد أن علينا أن نتحلى ببعض التواضع ونقر بأننا لم نتوصل إلى فهم تام لبعض أبعاد المسألة".

أدوية منقذة للدماغ

العقاقير المحاكية لتأثير الهرمون GLP-1، لا تسبب فقدان الوزن فحسب، بل تروِّض أيضًا الالتهابات، ولعل هذا يفسر جانبًا من القدرة التي أظهرتها على إبطاء تقدم بعض أمراض التنكس العصبي. فالالتهاب الدماغي يدخل، على سبيل المثال، في حدوث الإصابة بدائي باركنسون وألزهايمر.

وقد أظهرت تجربة إكلينيكية صغيرة النطاق، أن عقار «إكزيناتيد» Exenatide نجح في تخفيف أعراض داء باركنسون لدى المصابين بصورة معتدلة منه 3. كان هذا أول العقاقير المحاكية لتأثير هرمون GLP-1 التي تُطرح في الأسواق، إذ اعتمدته إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام 2005.  وفي تجربة أخرى صغيرة النطاق لعقار محاك لتأثير هرمون GLP-1، يعرف باسم «ليراجلوتيد»، أبطأ هذا العقار خلال عام التدهور الإدراكي لدى المصابين بصورة طفيفة من داء أُلزهايمر بنسبة 18%.

ويرى باحثون أن العقاقير المحاكية لتأثير الهرمون GLP-1 قد تغدو أقدر على علاج أمراض التنكس العصبي كلما تحسنت قدرتها على على النفاذ إلى الدماغ. لكن حتى الآن، لم يتضح إلى أي مدى تتوغل هذه العقاقير في الدماغ. إلا أن الدراسات على الحيوانات 7 تشير إلى وجود اختلافات في هذه القدرة بين العقاقير من هذه الفئة.

على سبيل المثال، يبدو أن عقار «إكزيناتيد» يعبر الحاجز الدموي الدماغي، وهو حاجز يعمل كدرع واق يحدد المواد التي يمكنها النفاذ إلى الدماغ من مجرى الدم. ويعزو كريستيان هولتشر، اختصاصي علم الأعصاب من أكاديمية خِنان للابتكارات في العلوم الطبية في مدينة تشنجتشو الصينية النجاح الذي أحرزه العقار أول طرحه في علاج باركنسون لهذه القدرة على التوغل في الدماغ.

على أنه ينوه إلى أن نسخة من هذا العقار، عُدلت للبقاء لمدة أطول في الدم، لم تكلل بالنجاح نفسه في علاج باركنسون مثل النسخة الأصلية8.  إذ تألفت النسخة المعدلة من جزيء كبير الحجم لم يمكنه النفاذ إلى الدماغ. تعقيبًا على ذلك، يقول كريستيان: "هذا يبرهن على مدى أهمية تحفيز العقار على الوصول إلى مناطق التلف، حال الرغبة في تحسين الخلايا العصبية وحمايتها". ويشير إلى أن الدراسات تدل على أن عقار «سيماجلوتيد» لا يمكنه عبور الحاجز الدموي الدماغي. من ثم، فمن المستبعد أن يظهِر أحدث ما طُرح في السوق من عقاقير علاج داء السكري تأثيرات جيدة في علاج داء أُلزهايمر أو داء باركنسون.

غير أن بعض الباحثين الآخرين لا يتبنى المنظور نفسه. فيقول دروكر: "لا أعتقد أن لدينا بيانات قوية تؤشر على وجود علاقة بين النفاذ إلى الدماغ والفعالية في علاج أمراض التنكس العصبي".

نُشر هذا المقال في دورية Nature بتاريخ 3 سبتمبر 2024.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.293


  1. Anson, M. et al. eClinMed 75, 102777 (2024).

  2. Rodriguez, P. J. et al. JAMA Int. Med. https://doi.org/10.1001/jamainternmed.2024.2525 (2024).

  3. Athauda, D. et al. Lancet 390, 1664–1675 (2017).

  4. Lincoff, A. M. et al. N. Engl. J. Med. 389, 2221–2232 (2023).

  5. Malhotra, A. et al. N. Engl. J. Med. https://doi.org/10.1056/NEJMoa2404881 (2024).

  6. Véniant, M. M. et al. Nature Metab. 6, 290–303 (2024).

  7. Gabery, S. et al. JCI Insight 5, e133429 (2020).

  8. McGarry, A. et al. Lancet Neurol. 23, 37–45 (2024).