حسناء الشناوي: عالمة وضعت المغرب على خريطة أبحاث النيازك
25 December 2024
نشرت بتاريخ 25 ديسمبر 2024
هي أول امرأة تتخصص في دراسة علوم النيازك والكواكب بالمغرب، ويُنسب لها الفضل في قيادة جهود لصوغ قانون يهدف إلى حماية النيازك على أرض بلدها.
خلال دراستي كطالبة، اعتدت قضاء المساء بين غابات النخيل وحدائق الليمون، منعمة النظر في سماء الدار البيضاء، ومستمتعة بتلك اللحظات من السكون والصمت. هنا، كان ابن رشد عالم الفلك، الذي توُفي قبل 824 عامًا يجمع طلابه حوله. وهو العلامة الذي قدم للعالم ما قد يُعد أول شروح تقترب علميًا من تفسير1 الأشكال التي يتخذها الكلف الشمسي.
في هذه البقعة، وُلد شغفي باكتشاف أسرار النيازك؛ والآليات الحاكمة لسقوطها والأماكن التي تُجمع منها وتكتشف بها.
وبمرور الأيام، صرت أول امرأة تحصل على درجة الدكتوراة في علوم النيازك في المغرب. بعدها، درست علم الفلك في «جامعة بيير وماري كوري» في فرنسا. وهناك، في عام 2000، نما حبي وولعي بهذه الأجرام.
أعمل اليوم أستاذة للجيولوجيا في كلية علوم عين الشق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء. ومن بين أعظم ما شرفت به خلال مسيرتي المهنية، تأتي تلك اللحظة التي أطلق فيها عالم الفلك مايكل أوري اسمي الأخير "شناوي" على كويكب اكتشفه.
تحتضن صحراء المغرب الشاسعة مجتمعات صيد وبدو متناثرة في ربوعها، تفطن إلى القيمة النقدية لهذه الأجرام، ما أسهم في شهرة المغرب بكثرة النيازك التي تحط به. لكن في غياب القوانين التي تفرض قيودًا على تصدير هذه الصخور، وغيرها من عينات التراث الجيولوجي، مثل الأحافير والمعادن، كانت غالبية هذه العينات تُهرب إلى خارج البلد وتباع هناك.
وإصرارًا على تغيير هذا الوضع، خضت تعاونًا بحثيًا موسعًا مع هيئة المسح الجيولوجي المغربية لإرساء توجيهات حول جمع النيازك وبيعها، تضمن احتفاظ مديرية الجيولوجيا في المغرب بالعينات النيزكية المرجعية.
كذلك بنيت أرشيفًا من النيازك المغربية، يغطي جميع ما رُصد من أحداث سقوط للنيازك في المغرب منذ عام 2004. واليوم، تُعرض هذه النيازك في معرض متحف مؤسسة الطارق تحت عنوان: "النيازك رسل من السماء: أصول"، في مركز تجاري في الدار البيضاء، والمعرض مفتوحة أبوابه للجميع.
ورغم أن المغرب بدأت تتعاظم مكانته كمركز لأبحاث النيازك، أُطلق على هذه الأجرام في الغالب أسماء تشير إلى غرب أفريقيا، ويعقبها رقم. ولما كنت أبغض هذه الممارسة التي تطمس أصول هذه النيازك، حرصت على أن يوثق فريقنا جميع أحداث سقوط النيازك، وعلى أن يخطر بها لجنة تسمية النيازك التابعة للهيئة العالمية للنيازك، بالتعاوُن مع عديد من المختبرات حول العالم. واليوم، صارت أسماء هذه الأجرام تعكس فخرنا بما قدمناه لبلدنا.
ومنذ عام 2000، دعَّمت جيلًا من شباب الباحثين في العديد من مجالات علوم دراسة النيازك والكواكب. وصار لدينا أكثر من عشرة طلاب في مرحلة الدكتوراه يكتسبون خبرات واسعة ويجرون أبحاثًا حول موضوعات مثل النيازك والفوهات الصدمية وأسطح الكواكب. والعقبة الرئيسية التي تعترض تطوُر هذا المبحث في المغرب هي نقص المعدات التحليلية المتطورة، وشح المناصب الأكاديمية والبحثية في البلد. لكنني عازمة كل العزم على بذل قصارى جهدي لقهر هذه التحديات.
doi:10.1038/nmiddleeast.2024.339
تواصل معنا: