أخبار

تأثير عمليات سحب الأوراق العلمية التي مردها أخطاء غير مقصودة على الباحثين

نشرت بتاريخ 19 فبراير 2025

استطلاع رأي يسلط الضوء على الضرر العاطفي الذي يلحق بالمؤلفين من جراء سحب الأوراق البحثية، ويقدم اقتراحات بتغيير الإجراءات المتبعة.

جيما كونروي

قال المؤلفون الذين سُحبت أوراقهم البحثية إن الأخطاء التي شابتْ بياناتهم كانت في الغالب إما ناتجة عن السهو أو إشكاليات فنية.
قال المؤلفون الذين سُحبت أوراقهم البحثية إن الأخطاء التي شابتْ بياناتهم كانت في الغالب إما ناتجة عن السهو أو إشكاليات فنية.
Credit: Jacob Wackerhausen/Getty

وفقًا لاستطلاع رأي شارك فيه نحو 100 مؤلف1، فإن معظم الباحثين الذين تعرضوا لسحب أوراقهم البحثية نتيجةً لأخطاء غير مقصودة يرزحون تحت وطأة تلك المحنة.

استهدفت الدراسة عمليات السحب التي كان سببها أخطاء في إدارة البيانات، وما أكثرها. وقد عبّر نحو نصف المشاركين في الاستبيان عن أن سحب أوراقهم البحثية ولّد بداخلهم شعورًا بالضغط الشديد (انظر "التجربة النفسية للمؤلفين").

تَسوق النتائج نظرةً مفصَّلة وشاملة للملابسات التي تؤدي - بخلاف سوء السلوك البحثي - إلى عمليات السحب، وتُلقي الضوء على الضرر العاطفي الذي تتركه هذه العمليات في نفوس الباحثين، وهي مسألة قلما يجري تناولها في مجال النشر العلمي، بحسب ميشا أنجريست، الباحث في سياسات العلوم الذي يدرس عمليات سحب الأوراق العلمية في جامعة ديوك في مدينة دورهام، بولاية نورث كارولاينا الأمريكية. ويتابع أنجريست قائلًا: "هذه النتائج تشكل إضافةً قيمة للأدبيات العلمية".

وما أكثر عمليات السحب التي سببُها الاحتيال وسوء السلوك البحثي، ومثل هذه الحالات تجذب الكثير من الانتباه. غير أن الدراسات برهنت على أن عمليات السحب التي ترجع إلى أخطاء غير مقصودة لا تقل عنها انتشارًا أيضًا2. اعتمدت تلك الدراسات اعتمادًا كبيرًا على إخطارات السحب، التي قد ينقصها تفاصيل دقيقة حول نوعية الخطأ وسببه، كما يشير مارتون كوفاكس، اختصاصي منهجية البحث العلمي بجامعة أوتفوش لوراند في العاصمة المَجَرية بودابست، الذي شارك في تأليف الدراسة التي نحن بصددها. يتابع كوفاكس قائلًا: "قلما يُذكر عنصر السهو البشري في هذه الأخطاء".

أخطاء وفيرة

ولملء هذ الثغرة في المعلومات، لجأ كوفاكس وزملاؤه إلى قاعدة بياناتِ مدونة "ريتراكشن ووتش" Retraction Watch المختصَّة بمتابعة عمليات سحب المواد البحثية، ومنها انتقوا 5041 ورقةً بحثية كانت قد سُحبت على إثر أخطاء في إدارة البيانات.

وعبر البريد الإلكتروني، بعث الباحثون استطلاعًا للرأي إلى 6680 مؤلفًا لهذه الدراسات المسحوبة، يسألونهم فيه عن الأخطاء وأسبابها في رأيهم. ما يقرب من 250 باحثًا شاركوا في الاستطلاع، وبعد استبعاد أولئك الذين لم يجيبوا عن جميع الأسئلة، تبقى 97 مشاركًا. ونُشرت النتائج في شهر ديسمبر الماضي بدورية «رويال سوسايتي أوبن ساينس» Royal Society Open Science.

وقد تمكن الباحثون من الوقوف على 18 نوعًا من الأخطاء المتعلقة بإدارة البيانات. وكان أكثر الأخطاء شيوعًا الخطأ في معالجة البيانات وتحليلها؛ كاستخدام معادلة خاطئة أو ارتكاب خطأ في حساب إحصائية ما، إذ ورد ذكر هذا الخطأ في 16 إجابة، مستأثرًا بنسبة قوامها 20% من الأخطاء. تلاه مباشرة مشكلات من نوعية أخطاء التشفير، وضياع المواد أو البيانات، والإشكاليات في إدخال البيانات (انظر "أسباب الأخطاء").

كما أورد المشاركون أن أخطاءهم كان مردّها في المقام الأول إلى السهو أو إشكاليات فنية أو سوء الفهم. وأما الشعور بالضغط الذي انتاب الكثير من الباحثين فربما نبع من تردي نظرة المجتمع البحثي تجاه عمليات السحب والمخاوف من مساس ذلك بسمعتهم، حسبما لفت كوفاكس. ويردف قائلًا: "لا يزال معظم الباحثين ينظرون إلى عمليات السحب على أنها شكل من أشكال الفشل".

فقد ذكر نحو ثلاثة أرباع المشاركين أنهم عمدوا إلى تغيير طريقتهم المعتادة في سير العمل بعد السحب، كاستخدام بروتوكولات أكثر صرامة في إدارة البيانات، وتحسين إجراءات تخزينها. كما رأى كثيرون منهم أنه يتعين على الدوريات تضمين المزيد من المعلومات في إخطارات السحب، أضف إلى ذلك إنفاق المزيد من الوقت في التحقق من البيانات والتحليلات قبيل النشر.

ومن جانبه يتفق محمد حسيني، الذي يدرس أخلاقيات البحث ونزاهته في كلية طب نورث وسترن فاينبرج في شيكاغو بولاية إلينوي الأمريكية، مع ضرورة إدراج الناشرين المزيدَ من المعلومات حول عملية السحب، مثل طبيعة الخطأ وأسبابه. مضيفًا أن مشاركة تفاصيل السحب وسياقه على منصات مثل موقع «بَبّ بير» PubPeer الذي يناقش عليه الباحثون الأوراق العلمية المنشورة، قد يكون أكثر نفعًا للعلماء؛ نظرًا لأن الناشرين غالبًا ما يتأخرون في تعديل سياساتهم. يقول حسيني: "ليس من المفترض حصر الآلية الوحيدة لإضافة المزيد من العمق والفهم في إخطارات السحب"

 هذه ترجمة للمقال المنشور على صفحات دورية Nature بتاريخ الرابع عشر من يناير 2025.

doi:10.1038/nmiddleeast.2025.18


1- Kovacs, K., Varga, M. A., Dianovics, D., Poldrack, R. A. & Aczel, B. R. Soc. Open Sci. 11, 240844 (2024).

2-Fang, F. C., Steen, R. G. & Casadevall, A. Proc. Natl Acad. Sci. USA 109, 17028–17033 (2012).