تحديات الباحثين في مناطق النزاع
10 April 2025
نشرت بتاريخ 9 أبريل 2025
الموقع الإلكتروني، كما يراه ويليام ميلز، أكثر من مجرد قناة لعرض وترويج الأوراق العلمية والمشروعات البحثية.
أصبح الموقع الإلكتروني ضرورةً لا غنى عنها للمختبرات البحثية وباحثيها الرئيسيين. ولا تتوقف هذه الضرورة عند مجرد عرض نتائج الأبحاث، بل تمتد إلى منحنا الفرصة لشرح نطاق عملنا والرسالة التي نسعى إلى تحقيقها، وتقديم فكرة عن ثقافة العمل داخل المختبر للراغبين في الالتحاق به، وعرض السِّيَر المهنية للأعضاء السابقين. كذلك تعتمد الدوريات العلمية على هذه المواقع في اختيار الباحثين ليكونوا مراجعين أو مؤلفين للدراسات، أو متحدثين في المؤتمرات.
في عام 2023، بدأتُ مسيرتي المهنية باحثًا بيولوجيًا بجامعة ماونت سانت ماري في بلدة إميتسبورج بولاية مريلاند الأمريكية. أنفقتُ عامًا في التأقلم مع وظيفتي الجديدة، والمقررات التي سأكون مطالَبًا بتدريسها، ثم قررتُ بعده البدء بإنشاء مختبري البحثي الخاص. ندرس فيه دور الحمض النووي الريبي متناهي الصغر (microRNAs) في تنظيم تمايُز الخلية ونموّها وإصابتها بالأمراض.
ولأنني أعمل بالأساس في مؤسسة جامعية، فجميع الباحثين في مختبري من الطلاب العاملين بدوام كامل. وإن كان هذا الوضع يفرض تحديات غير معتادة، إلا أنه يقدم لي في الوقت نفسه فرصةً مثمرةً إلى أبعد حد؛ إذ يتيح لي تعليم وتوجيه باحثين في بداية مسيرتهم المهنية، يملؤهم الأمل والطموح. وفي أثناء العمل على إنشاء الموقع الإلكتروني لمختبري، لم يكن هدفي يقتصر على نشر أباحثنا؛ بل استهدفتُ أيضًا تقديم مورد نافع للطلاب والمتدربين، سواءٌ من داخل المختبر أو خارجه.
هناك الكثير من المواد الرائعة، ومنها نصائح وأمثلة مفيدة في صياغة محتوى موقع إلكتروني يترك لدى رواده انطباعًا رائعًا من أول زيارة. أقدم لكم فيما يلي بضعة أمثلة على هذه المواد وصنوف المحتوى التي حرصتُ على ألا يخلو منها الموقع الإلكتروني لمختبري. صحيحٌ أن بإمكانكم العثور على هذه المواد في العديد من المواضع الأخرى على شبكة الإنترنت، إلا أنني انتقيتُ منها المواد الأكثر مناسَبةً لأبحاثنا، وللمرحلة المهنية التي يقف عندها أعضاء الفريق.
التمويل
العثور على جهة أو فرصة تمويلية تلائم أبحاثك قد لا يكون بالأمر اليسير، لا سيما إذا كنت في مقتبل مسيرتك البحثية. وتيسيرًا لهذه العملية، أعددتُ قائمةً بجهات التمويل المعنية التي يمكن للطلاب والمتدربين التقدم إليها بطلباتهم. ولأن أعضاء مختبري تحديدًا طلابٌ يدفعون مصروفات دراسية، فقد شملتْ الفرص الواردة في هذه القائمة جهات تقدِّم دعمًا ماليًّا.
وأنوي كذلك تضمين أسماء أعضاء المختبر ممَن نجحوا في التقدم لفرص معينة، بحيث يمكن لغيرهم من الأعضاء في المستقبل التواصل معهم مباشرةً لطلب المشورة.
المؤتمرات
يمكن القول إن المؤتمرات العلمية تعادل في وفرتها فرص التمويل. لكنها، شأنها شأن الفرص التمويلية أيضًا، لا تلائم دائمًا مجال اختصاصك أو اهتماماتك البحثية.
لذلك، جمعتُ قائمةً بالمؤتمرات التي حضرتُها أو سمعتُ بها وأرى أن أعضاء مختبري سيجدون فيها فرصةً ثمينة، وراعيتُ أن تتضمَّن هذه القائمة فرص التمويل ذات الصلة، مثل مكافآت السفر. قد تركز هذه المؤتمرات على أحد الموضوعات المتصلة بأبحاثنا، أو تكون مُصمَّمة لغرض التطوير المهني للمتدربين الذين يقطعون الخطوات الأولى في مشوارهم المهني.
الجمعيات المهنية
تمثّل الجمعيات المهنية وسيلةً رائعة للتواصل وبناء شبكة علاقات مع أصحاب الاهتمامات العلمية والمهنية المماثلة. وبمرور الوقت، أصبحتُ أمتلك حسًّا أميِّز به الجمعيات الأكثر توافقًا مع الأهداف والاهتمامات الخاصة بمختبري.
على سبيل المثال، تجد أن أبحاثنا التي تدرس الصفة البيولوجية للحمض النووي الريبي (RNA)، والتي كانت تركّز سابقًا على علم الأعصاب، تنسجم تمامًا مع اهتمامات «الجمعية الأمريكية للكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية» (ASBMB)، الكائن مقرُّها بمدينة روكفيل بولاية مريلاند، و«جمعية الحمض النووي الريبي» RNA Society في مدينة رالي بولاية نورث كارولينا الأمريكية، وكذا «جمعية علم الأعصاب» (SfN) بالعاصمة الأمريكية واشنطن. كان لهذه الجمعيات دورٌ كبير في تدريبي وتطوُّري على الصعيد المهني. والحرص على إعداد قائمة بهذه الجمعيات يساعد أعضاءَ المختبر، الحاليين والمستقبليين، على معرفة كيفية الاندماج في المجتمع العلمي الذي يتجاوز حدود المختبر.
وفي حال وجود فروع محلية لهذه الجمعيات المهنية، فلا يفوتني أن أضمِّن موقعي الإلكتروني بيانات هذه الفروع؛ لأنها تُعد وسيلة رائعة يستطيع الطلاب والمتدربون من خلالها اكتساب خبرات قيادية. ومن أمثلة هذه الفروع، فرع الطلاب من «الجمعية الأمريكية للكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية» في حرم جامعتنا، وفرع «جمعية علم الأعصاب» بمنطقة واشنطن الحضرية.
المحتوى التعليمي ومواد التطوير المهني
اكتشفتُ على مدار مسيرتي المهنية الكثير من المواد المفيدة في مجال التطوير المهني. وبدلًا من إجهاد النفس في محاولة تذكُّر هذه المواد، أو الاكتفاء بحفظها على حاسوبي حيث لا يمكن لأحدٍ غيري الوصول إليها، أودعتُ المواد التدريبية والنصائح التي أعتزُّ بها في الموقع الإلكتروني للمختبر. ولأن علم الأحياء الحاسوبي يستأثر بجزءٍ معتبر من عملنا بالمختبر، فإن الكثير من هذه المواد يرتبط بتحليل البيانات ولغات البرمجة، ومنها دورات تدريبية مجانية وكتب دراسية. أحرصُ كذلك على إضافة أمثلتي الخاصة، مثل سيرتي الذاتية أو ملصقات المناقشات أو شرائح العروض التقديمية المُقدَّمة في مناقشات سابقة، فضلًا عن المواد التعليمية (ومنها مدونة صوتية (بودكاست)).
ماذا بعد إطلاق الموقع؟
إذا كنت تتوقع – وعن حق – أنك ستنفق ساعات طويلة لإخراج موقعك الإلكتروني في أفضل صورة، وإضافة جميع الموارد التي تفضّلها إليه، فإن التحديثات المستقبلية يُفترض أن تتم بسرعةٍ نسبيًّا. فإضافة هذه المواد، أيًا ما كان اختيارك منها، من شأنها أن تحمل فائدةً عظيمة لك ولأعضاء مختبرك، ولعددٍ لا يُحصى من الطلاب والمتدربين الآخرين الذين قد يزورون الموقع.
وعندما تعمَدُ إلى إنشاء وتصميم صفحتك على الويب، ربما يجدُر بك الحرص على جمع بيانات عن عدد زوّار الصفحة. أمامك وسيلة رائعة لأداء هذه المهمة، هي خدمة «إحصاءات جوجل» Google Analytics. وإن قصدتَ إلى تأسيس موقعك باستخدام خدمة «مواقع جوجل» Google Sites، كما فعلتُ أنا، فيمكنك تفعيل هذه الخاصية في غضون دقائق قليلة. وبذلك تستطيع مراقبة بيانات معينة: مثل عدد زوّار الموقع، وأماكن تواجدهم، وصفحات الموقع التي يرتادونها أكثر من غيرها.
تحديث المواقع الإلكترونية قد يكون عملًا مرهقًا بعض الشيء. ولتوفير الوقت، لجأتُ إلى إعداد قائمة بالمواد التي أودُّ إضافتها في مستند على الإنترنت – في جدول بيانات «جوجل» مثلًا – ثم لا أفعل بعد ذلك أكثر من إرفاق هذا المستند بالموقع. بهذه الطريقة، يمكنني بسهولة أن أضيف سطرًا جديدًا إلى المستند، عوضًا عن الاضطرار إلى تحديث الموقع بأكمله في كل مرة أجد فيها محتوًى جديدًا.
ولمَّا كان مختبري لا يزال يقطع خطواته الأولى، فسوف يظل موقعنا الإلكتروني يتغير مع نموّ المختبر وإحراز مزيد من النجاحات في مشاريعنا البحثية. وكلّما عرض الطلاب أبحاثًا في المؤتمرات العلمية، أو نشروها في الدوريات الأكاديمية، أو وضعوا المواد التدريبية بأيديهم، احتفينا بنجاحاتهم على موقع المختبر. كذلك نواصل إثراء الموقع بما يكتشفه الطلاب من مؤتمرات جديدة أو فرص جديدة للتمويل.
ومع تخرُّج الدفعة الأولى من الطلاب العاملين في مختبري، وانطلاقهم لمواصلة رحلتهم البحثية، أتطلعُ إلى عرض إنجازاتهم على الموقع، وخطواتهم المهنية المقبلة.
* هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور بمجلة Nature بتاريخ 12 مارس 2025.
doi:10.1038/nmiddleeast.2025.40
تواصل معنا: