أخبار

خطر النفايات البلاستيكية يتعاظم.. وهذه ثلاث طرق فعّالة للحد منه

نشرت بتاريخ 31 ديسمبر 2024

يجتمع ممثلو الدول للتوصل إلى أول اتفاق عالمي من نوعه للحد من التلوث البلاستيكي، بينما تسلط الأبحاث الضوء على المواضع التي يمكن أن يكون لسياسات المنع والتحفيز فيها مردود إيجابي.

نيكولا جونز

Credit: monticelllo/ iStock/ Getty Images Plus 

هل يمكن أن تتوصل دول العالم أخيرًا إلى اتفاق بشأن كيفية إنهاء التلوث بالمواد البلاستيكية، أو ما يُشار إليه بالتلوث البلاستيكي؟ لعلنا نعرف الإجابة بحلول نهاية الأسبوع الجاري.

في مدينة بوسان، الكورية الجنوبية، تجتمع وفود 175 دولةً من أجل التوصل إلى ما يأمل الكثيرون بأن يكون معاهدة مُلزِمة قانونيًّا تصدُر عن الأمم المتحدة لخفض مستويات التلوث البلاستيكي بشكل جذري. ويتطلع الباحثون إلى الخروج من الجلسة الخامسة — والأخيرة — من المفاوضات بمعاهدة قوية، لكن هناك احتمالًا كبيرًا بأن يكون أي اتفاق تتمخض عنه المحادثات إما هشًا أو مؤجلًا. وفي الأثناء، تقوم العديد من المدن والدول بوضع سياساتها الخاصة، إلى أن يتم التوصل إلى توافق عالمي.

تقول تريزيا فارلي، عالمة الأنثروبولوجيا البيئية بمعهد كاوثرون في مدينة نيلسون بنيوزيلندا التي تشارك في قيادة تحالف العلماء من أجل معاهدة بلاستيك فعّالة، الذي يتألف من مجموعة مستقلة من العلماء تحضر الاجتماعات بصفتها مراقبًا فاعلًا: "بعض الدول تحمي نفسها بشكل استباقي، بغض النظر عما سيحدث في شأن المعاهدة".

هذه السياسات، كما يرى باحثون، كفيلة بأن تفتح عيوننا على الحلول الناجعة، كما أنها تسلط الضوء على محورية دور الجهود العالمية. فنجد أن بعض الجمعيات العلمية، ومنها تحالف العلماء المذكور، تدعم التوصل إلى معاهدة تهدف إلى تقليل إنتاج المواد البلاستيكية غير الضرورية التي ارتفع إنتاجها إلى مستويات غير مُستدامة. إلا أن بعض الدول، ولا سيما المُصنِّعة للبتروكيماويات، تفضِّل أن تركز المعاهدة – عوضًا عن خفض الإنتاج – على إدارة النفايات، بما في ذلك إعادة التدوير وما إليها من عمليات.

يقول دوجلاس م اكولي، من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا، الذي نشر دراسة معمقة حول سياسات التعامل مع النفايات البلاستيكية في وقتٍ سابق من الشهر الجاري1: "إذا لم نغتنم هذه الفرصة لوضع سياسات موحدة تستند إلى إرشادات موحَّدة، فسوف نرتدُّ عقودًا إلى الوراء، وربما أكثر".

حظر البلاستيك أحادي الاستخدام

أصدر أكثر من تسعين دولة وإقليمًا حظرًا كليًا أو جزئيًا على المنتجات البلاستيكية أحادية الاستخدام كأكياس التسوق. هذا الحظر يمكن أن يكون فعالًا للغاية؛ فقد أظهرت دراسة تحليلية أن الحظر المفروض في خمس ولايات ومدن أمريكية قلل الاستهلاك الإجمالي لأكياس التسوق البلاستيكية أحادية الاستخدام بنحو ستة مليارات كيس سنويًا2. وحسبما يقول ماكولي، فإن العديد من الدراسات أظهرت انخفاضًا كبيرًا في النفايات البلاستيكية في المجاري المائية. حتى فرضُ الرسوم المالية قد يكون حلًا لا بأس به؛ إذ كشف مسح النفايات في المملكة المتحدة أن عدد الأكياس البلاستيكية المتناثرة على الشواطئ انخفض بنسبة 80% بعد فرض رسوم إلزامية على أكياس التسوق أحادية الاستخدام، على الرغم من ازدياد أشكال أخرى من النفايات.

غير أن سياسة الحظر لن تكون فعَّالة، في أكبر الظن، إن اعتراها قصورٌ في التصميم أو التنفيذ. فعلى سبيل المثال، سمحت ولاية كاليفورنيا للمتاجر باستخدام أكياس تسوق خامتها أكثر سُمكًا، بحيث تكون قابلة لإعادة الاستخدام، ولكن ذلك لم يمنع المستهلكين من التخلُّص منها، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التخلص من البلاستيك عن ذي قبل. يرى ماكولي أن السياسات يجب أن تخضع إلى المراقبة والمراجعة. يقول: "عليك أن تضع السياسة، ثم تجمع البيانات، ثم تعالج ما قد يظهر من ثغرات".

إلزام المُنتِج بتحمُل التكلفة

هناك العديد من الدول، وعدد من الولايات الأمريكية، التي تفرض على الشركات المُنتِجة للعبوات البلاستيكية أن تتحمل تكاليف إعادة تدويرها، مما قد يعزز معدلات إعادة التدوير. فعلى سبيل المثال، بفضل سياسة «مسؤوليات المنتِجين الممتدة» التي أخذت بها الحكومة الإسبانية، ارتفعت معدلات إعادة تدوير الورق والبلاستيك في البلاد من 5% إلى 81%.

تستهدف هذه السياسات أيضًا تحفيز الشركات على إعادة تصميم عبواتها، ولكن نظرًا لأن معظم الرسوم تُحسب استنادًا إلى عامل الوزن، فإن تأثيرها في الأساس يتركز على حجم العبوة المستخدمة، لا المواد المُستخدمة في صناعتها. ومن الأفكار الجيدة المطروحة في هذا الشأن، حسبما يقول ريتشارد طومسون، عالم الأحياء المائية بجامعة بليموث بالمملكة المتحدة، والمشارك في قيادة تحالف العلماء آنف الذكر، أن توضع سياسة لمكافأة الشركات على إدراج المحتوى المعاد تدويره ضمن مُنتجاتها، أو حتى إلزامها بذلك: ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، يدفع منتجو البلاستيك ضريبة قدرها 217.85 جنيه إسترليني (274 دولارًا أمريكيًا) نظير كل طن من البلاستيك، ولكن هذه الضريبة تقتصر على العبوات التي تقل نسبة المواد المعاد تدويرها فيها عن 30%. ويقول طومسون إن مثل هذه المحفزات "ستوجه دفة الطلب في المسار الصحيح".

على أن سياسات التعامل مع النفايات البلاستيكية، شأنها شأن جميع السياسات، منها الجيد ومنها المَعيب، كما تقول فارلي. وقد رأت فارلي، مثلًا، كيف انتهت سياسات بعينها إلى زيادة الإقبال على مراكز إعادة التدوير في جزر المحيط الهادئ التي لا تطبق معايير سلامة عالية لعمالها.

الحد من الجسيمات البلاستيكية

تمثل جسيمات البلاستيك المجهرية واحدًا من أخطر أشكال التلوث البلاستيكي وأعظمها ضررًا. إنها جزيئات متناهية الصغر، تنشأ من تآكل إطارات السيارات، مثلًا، أو من الألياف الدقيقة التي تخرج من الأقمشة عند غسلها، أو تنبعث من منتجات مثل مستحضرات التجميل. يُعتقد أن جسيمات البلاستيك المجهرية تشكل ما بين 15% و31% من كميات البلاستيك التي تجد سبيلها إلى المحيطات كل عام، والتي يقدَّر حجمها الإجمالي بنحو 9.5 مليون طن. وذكر طومسون أن أكثر من عشر دول حظرت استخدام حبيبات البلاستيك متناهية الصغر في مستحضرات التجميل، مما دفع الشركات دفعًا إلى التوقف عن استخدامها.

أضحت فرنسا أول دولة تشترط تزويد الغسالات الجديدة بمرشحات أو فلاتر للألياف الدقيقة، ومن المقرر أن تدخل هذه السياسة حيز التنفيذ في شهر يناير من العام المقبل. وقد وضعت مجموعة طومسون ستة أنواع من الفلاتر موضع الاختبار، ووجدت أن بعضها يمكن أن يكون فعالًا إلى حد معقول3؛ إذ قلل أحدها من كمية الألياف الدقيقة في مياه الصرف بنسبة تزيد عن 75%.

يرى طومسون أن الفلاتر ليست حلًا سحريًا لجسميات البلاستيك المجهرية التي تحتوي عليها الملابس، لأن نصف الألياف الدقيقة في الملابس، على وجه التقريب، تتناثر أثناء ارتدائها. وأضاف أن إدخال تغييرات على كيفية تصنيع الأقمشة من شأنه أن يكون مسلكًا أكثر فعالية، ولكن تبيَّن أن ذلك يمثل تحديًا كبيرًا أمام التشريعات الوطنية. يقول: "هذا مثال نموذجي للحالات التي نكون فيها بحاجة إلى معاهدة دولية".

 

* هذه ترجمة للمقالة الإنجليزية المنشورة على صفحات دورية Nature بتاريخ 27 نوفمبر 2024.

doi:10.1038/nmiddleeast.2024.340


  1. Pottinger, A. S. et al. Science https://doi.org/10.1126/science.adr3837 (2024).

  2. Sokolow, L., Meiffren-Swango, C. & Engstrom, J. Plastic Bag Bans Work: Well-Designed Single-Use Plastic Bag Bans Reduce Waste and Litter (Environment America, 2024).

  3. Napper, I. E., Barrett, A. C. & Thompson, R. C. Sci. Total Environ. 738, 140412 (2020).