أخبار

هل يستقر الباحثون على تعريف للشيخوخة؟

نشرت بتاريخ 8 يناير 2025

لم يسفر استطلاع لآراء علماء لدراسة الشيخوخة عن أي إجماع على أسس تعريف هذه المرحلة.

سمريتي مالاباتي

من المسائل العديدة التي تثير خلافًا بين الباحثين في الشيخوخة توقيت بدء هذه المرحلة.
من المسائل العديدة التي تثير خلافًا بين الباحثين في الشيخوخة توقيت بدء هذه المرحلة.
حقوق نشر الصورة: mrPliskin/iStock via Getty

وفقًا لاستطلاع آراء شمل حوالي 100 عالم متخصص في دراسات الشيخوخة، يختلف الباحثون في هذا المجال حول كل شيء تقريبًا عن هذه المرحلة؛ بما في ذلك تعريفها، وما إذا كانت مرضًا، والنقطة التي تبدأ منها.

وأحد أهم أهداف البحوث حول هذه المرحلة هو مساعدة الأفراد على العيش حياة أطول والتمتع بصحة أفضل. لكن إلى اليوم يستعصي الوقوف بدقة على أهم أسبابها، والوصول إلى الأساليب الفعّالة لإبطائها أو علاجها. ولكي يمكن التصدي لهذه التحديات، حسبما يفيد آلان كوهين، المتخصص في دراسة الشيخوخة من جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك الأمريكية، يحتاج الباحثون في المجال إلى التحدث بلغة مشتركة. ما يوضحه قائلًا: "ليس من الضرورة التوصل إلى إجماع تام، ولكننا بحاجة نوعًا ما إلى الوصول إلى تسوية فيما يخص بعض الأمور".

فاديم جلاديشيف، وهو بدوره باحث في المجال من كلية طب جامعة هارفارد في بوسطن بولاية ماساتشوستس الأمريكية، يؤيد وهو وزملاؤه هذا الرأي. من ثم، قرروا إجراء استطلاع لآراء مشاركين في مؤتمر دولي حول الشيخوخة في نيوراي بولاية ماين الأمريكية في عام 2022، بهدف الوصول إلى فهم أفضل لآراء الباحثين في هذا الموضوع. شمل المُشاركون في الاستطلاع باحثين في مقتبل حياتهم المهنية وعلماء راسخين وخبراء في المجال. وقد أُوضحت النتائج في شهر ديسمبر الماضي في مجلة »بي إن إيه إس نكسس» PNAS Nexus1.

وعن نتائج الاستطلاع، يقول جلاديشيف إن أغلب الباحثين لديهم فكرة واضحة عن ماهية الشيخوخة، ولكن وجهات نظرهم تتباين في هذا الإطار. فيقول جلاديشيف: "ثمة مزحة بين المتخصصين في المجال مفادها أن النظريات في هذا الشأن عددها يفوق تعداد البشر". على الرغم من ذلك، يقول جلاديشيف إنه فوجئ بحجم المشكلة.

إذ تعكس النتائج الأخيرة نتائج استطلاع مماثل أجراه كوهين وفريقه البحثي على 37 باحثًا في عام 20192. والآن، بتعبير كوهين، "بات من الواضح بلا شك أن هناك خلافًا كبيرًا" بين آراء الباحثين في المجال.

ما الشيخوخة؟

عندما طُلب من المشاركين في الاستطلاع وصف الشيخوخة، رأى ثلثهم أنها تدهور وظيفي يصيب المرء بمرور الوقت، من التدهور على المستوى الخلوي إلى تدهور الصحة واللياقة البدنية بشكل عام. ورأى آخرون أن الشيخوخة تتأتى بالتراكم التدريجي للتغيرات الجسمانية الضارة. ولم ترتهن الشيخوخة في أراء جميع المُستطلعين بدلالات سلبية، إذ رأى بعضهم أنها تغير في الحالة – إما يمكن درؤه أو لا يمكن - أو أنها امتداد لعملية النمو. وتناول آخرون الشيخوخة من وجهة نظر ديموغرافية، ووصفوها ببساطة بأنها حالة ترتفع فيها احتمالات الوفاة.

وقد جاءت الردود على سؤال حول أسباب الشيخوخة متباينة تباينًا شاسعًا، بدءًا بإجابات تعرف هذه المرحلة على أنها تراكم لعملية تلف الجسم إلى أخرى تعرفها على أنها نتاج قيود تطوُرية، ومن إجابات تصفها بأنها تغيرات تطرأ على الآليات التنظيمية للجسم إلى أخرى ترى أنها تدهور في آليات إصلاح الجسم. وأقر عدد قليل من المستطلعين بأنه لا يعرف الأسباب الكامنة وراء الشيخوخة.

كما اختلف الباحثون حول ما إذا كانت الشيخوخة مرضًا. فرأى أكثر من ثلث المشاركين في الاستطلاع أنها كذلك، ورأى 38% منهم النقيض، ليتبقى 28% وقفوا موقف الحياد. ولا يميل كوهين إلى وصف الشيخوخة بأنها مرض، لأن ذلك يعني أنها مما يجب القضاء عليه، على الرغم من أن عديدًا من الباحثين في هذا المجال، يصبون نوعًا ما إلى تحقيق هذا الهدف.

وبالنسبة لجلاديشيف، فإن الإجابة على هذا السؤال أكثر تعقيدًا. فيقول: "الشيخوخة ليست مرضًا، ولكنها لا تتنافى مع المرض أيضًا". ويرى أن العديد من الأمراض هي في الأساس تسارُع لعملية الشيخوخة في أعضاء محددة أو في الجسم ككل.

 متى تبدأ الشيخوخة؟

أفاد المشاركون في الاستطلاع عمومًا بأن عملية الشيخوخة تبدأ في وقت مبكر من حياة المرء، لكنهم لم يجمعوا على نقطة مبكرة بعينها لبدء هذه العملية. رأى البعض أنها تبدأ قبل الحمل، أي تبدأ عندما تُنتج البويضات والحيوانات المنوية. وتقول هذه النظرية، حسبما يوضح كوهين، بأن العمر يتقدم بوتيرة أكبر كلما زاد عُمر الوالدين. ويضيف أن قصور هذه النظرية حول موعد بدء الشيخوخة يكمن في أن هذا الموعد قد يتراجع إلى الوراء بلا آخر. أما كوهين، فيرى أن الشيخوخة تبدأ من النقطة التي تلتقي فيها البويضة بالحيوان المنوي؛ عند الحمل.

يعتقد آخرون أن الشيخوخة تبدأ في يوم الولادة، في حين يرى البعض الآخر أنها تبدأ عند سن البلوغ. ويعتقد البعض أنها تبدأ فقط عندما يتوقف الجسم عن النمو، عندما يصل الشخص إلى العشرينات من عمره، أو بعد بضع سنوات من ذلك، عندما يصل الجسم إلى أقصى درجات كفاءة أدائه الوظيفي، في منتصف العشرينات.

ختامًا، يقول جلاديشيف إن التنوع الهائل في إجابات المشاركين في الاستطلاع يعكس وجود العديد من المجاهيل في هذا المجال. ويتوقع جلاديشيف تقدمًا سريعًا في الجهود المبذولة للوقوف على تعريف للشيخوخة، بما في ذلك وضع مؤشرات حيوية لتتبع العمر البيولوجي. ويقول: "إنها لحظة يجب اغتنامها".

doi:10.1038/nmiddleeast.2025.4


1.    Gladyshev, V. N. et al. PNAS Nexus https://doi.org/10.1093/pnasnexus/pgae499 (2024).

2. Cohen, A. A. et al. Mech. Ageing Dev. 190, 111316 (2020).