دليل تفصيلي
للوصول إلى محطتك الوظيفية التالية في المجال العلمي
14 January 2025
دليل تفصيلي للوصول إلى محطتك الوظيفية التالية في المجال العلمي
نشرت بتاريخ 14 يناير 2025
في هذا التحقيق الإخباري، يقدم لنا استطلاع رأي أجرته دورية Nature حول التوظيف في المجال العلمي خريطة طريق للوصول إلى نجاح طلب التوظيف. كما يسوق لنا عددًا من النصائح تخص كل مرحلة، ابتداءً بالتقدم بهذا الطلب، وانتهاءً بالحصول على عرض العمل.
استطلاع رأي دورية Nature لعام 2024 حول التوظيف في المجال العلمي
هذا المقال هو الرابع ضمن سلسلة قصيرة من المقالات التي تناقش نتائج استطلاع رأي عالمي أجرته دورية Nature للوقوف على آراء المديرين المسؤولين عن التوظيف في المجال العلمي في عام 2024. وهذا الاستطلاع، الذي أُعِد بالشراكة مع شركة «ثينكس إنسايت آند استراتيجي» Thinks Insights & Strategy، وهي شركة استشارية بحثية تتخذ من لندن مقرًّا لها، أُعلن عنه ودُشن على موقع nature.com، ضمن منتجات شركة «سبرينجر نيتشر» Springer Nature الرقمية، وخلال حملاتها الترويجية على البريد الإلكتروني. وتطوع للإجابة عن أسئلته 1134 مشاركًا من 77 بلدًا، ينتمون إلى المجال الأكاديمي والمجال الصناعي وقطاعات أخرى، بمن في ذلك أشخاص في المجال العلمي وردت إجاباتهم في إطار الشراكة القائمة مع فريق «والر» Walr، وهو فريق متخصص في بحوث السوق. وتتوفر مجموعات بيانات الاستطلاع بالكامل على الرابط التالي: go.nature.com/3bgpazn.
تصلك رسالة بريد إلكتروني عصر يوم الجمعة متضمنة تنبيهًا بالإعلان عن وظيفة ما، يتوافق مجال الاهتمام البحثي فيها مع خبرتك تمام التوافق. ولدى مجموعة المختبرات المُعلِنة عن الوظيفة ما يكفي من التمويل. والمدينة التي يقع فيها مقر العمل مناسبة لأسرتك. لكن عندئذ تساورك الشكوك المعتادة في نفسك. فإن لم تكن قد تلقيت أي ردود على أربعة طلبات توظيف سابقة، على سبيل المثال، كيف يمكن قبول طلبك بالتوظيف هذه المرة؟
هذا السؤال كفيل بأن يقض مضاجع أصحاب التخصص العلمي أثناء سعيهم إلى اقتناص وظائف في مجال البحوث. وسعيًا إلى العثور على إجابات شافية له، استطلعت مجلة Nature آراء أكثر من 1100 مدير مسؤول عن التوظيف، بدءًا برؤساء المختبرات، وانتهاءً بكبار أعضاء هيئات التدريس في المجال الأكاديمي والمجال الصناعي وغيرهما من القطاعات. وتكشف الرؤى النيرة التي أفصحوا عنها عن أنماط مدهشة تدفع نحو تميز مرشحين بعينهم، أو تقف حجر عثرة في طريق غيرهم للحصول على الوظيفة.
ويترجم هذا الدليل حصيلة خبراتهم في هذا الإطار إلى خطوات واضحة وقابلة للتنفيذ. فسواء كنت باحثًا في مرحلة ما بعد الدكتوراه يحلم بإجراء بحث مستقل، أو باحثًا متمرسًا يخطط لخطوته التالية، ستعزز هذه النصائح فرصك في النجاح للترشح للوظيفة التي ترنو إليها. (وهذا الدليل مخصص للوظائف المُعلَن عنها رسميًّا. فثمة طريقة أخرى فعالة للعثور على وظيفة جديدة، ألا وهي توجيه رسائل بريد إلكتروني مباشرة إلى المسؤولين عن المختبرات التي ترغب في العمل فيها. وسينشر فريق قسم الوظائف في مجلة Nature مقالًا يتناول كيفية جَنْي ثمار هذه "الطلبات المقدمة دون دعوة" في مطلع عام 2025).
دراسة التوصيف الوظيفي
ابدأ بدراسة المسؤوليات الأساسية التي يتحملها شاغل الوظيفة. إذ ذكر القائمون على التوظيف، في الاستطلاع الذي أجريناه، أنهم يبحثون عما يدل في الطلب الوظيفي على أن المرشح قد قرأ التوصيف الوظيفي، وصمم هذا الطلب بما يتناسب مع التوصيف. وقد أجمع أكثر القائمين على التوظيف على أن تلك هي النصيحة التي قد يقدمونها لطلاب الوظائف.
فكِّر مليًّا فيما إذا كان الاتجاه الذي يمضي فيه المشروع البحثي يتناسب مع تخصصك وطموحاتك المهنية على المديين القصير والطويل. وأعر اللغة المستخدمة في التوصيف الاهتمام اللازم. ولتعلَمْ أن إيراد نَص الإعلان في طلبك عن طريق تكرار ما ورد فيه من كلمات رئيسية طريقة جيدة تشي بأنك تفهم مقتضيات الوظيفة التي تتقدم لشَغلها.
وقبل التقدم بطلبك، عليك التعرف على الفريق القائم على التوظيف أو على الشركة؛ فادرس صفحتها على الإنترنت، واقرأ بعض أبحاثها، وحاوِل أن تستشف ما إذا كانت اتجاهاتها البحثية تتطابق مع اتجاهاتك البحثية. فقد استحسن القائمون على التوظيف الاتصال بفريق التوظيف حتى قبل البدء في إعداد الطلب؛ ذلك أن موظفي الموارد البشرية، لا صاحب التخصص العلمي القائم على التوظيف، هم من يكتبون إعلاناتِ الوظائف في بعض الأحيان. ويمكن أن يكشف التواصل مباشرةً مع الأخير عن المتطلبات الحقيقية للوظيفة.
دوِّن الخطوات التي تتضمنها عملية التقدُم للوظيفة، فهذه الخطوات غالبًا ما تختلف بين المجالين الأكاديمي والصناعي (انظر "العناصر المشتركة بين المجالين الأكاديمي والصناعي في عمليات التقدم لشَغل الوظائف"). على سبيل المثال، مقارنةً بالقائمين على التوظيف في المجال الصناعي، تزيد فرصة اتصال القائمين على التوظيف في المجال الأكاديمي بالأشخاص المرجعيين للتحقق من الخلفية الوظيفية أو لطلب خطابات تزكية وأدلة على إجراء أو نشر أبحاث مسبقًا. أمَّا إذا لم يكن لديك بالفعل خطابات مرجعية مُعدَّة لتقديمها، فابحث في ذاكرتك عن شخص في شبكة معارفك يمكنك مفاتحته للحصول على التزكية، واشرع في التواصل معه مبكرًا لمنحه متسعًا من الوقت للرد.
تَذكَّر أن بعض إعلانات الوظائف تُصمَّم مستهدِفةً شخصًا محددًا في ذهن القائم على التوظيف. وهذا أكثر شيوعًا في المجال الصناعي، حيث يقول 46% من القائمين على التوظيف إنهم يفعلون ذلك "دائمًا" أو "غالبًا"، مقارنة بـ 25% فقط من الأكاديميين. ومن العلامات الكاشفة لمثل هذه الإعلانات أنك تجد أصحاب العمل يبحثون فيها عن مجموعة محددة من المهارات الفريدة والغريبة، كما ذكر أحد القائمين عن التوظيف في المجال الأكاديمي لمجلة Nature.
أهم النصائح - يقول قائد مختبر بيولوجي أكاديمي في بولندا: "تأكد أنك تعرف المختبر الذي تتقدم بطلب شَغل وظيفة فيه، واقرأ أحدث منشوراته، وافهم مسائله البحثية".
ويضيف باحث طبي أكاديمي في مالطا قائلًا: "أكبر خطأ أرى طالب الوظيفة يرتكبه هو التقدُم لشَغل وظيفة لا تناسبه تمامًا".
تخصيص السيرة الذاتية للوظيفة
نحو 73% من القائمين على التوظيف، الذين شملهم استطلاع دورية Nature، يطلبون من المتقدمين سيرةً ذاتيةً مفصلةً أو موجزةً. أمَّا في المجال الأكاديمي، فترتفع نسبتهم لتصل إلى 86%.
لا تُرسِل سيرة مفصلة أو موجزة واحدة تناسب جميع الوظائف، بل خصِّصها للوظيفة التي تتقدم لشَغلها، مع التركيز على المهارات والخبرات التي تعدها جهة العمل مهمة للوظيفة. فعلى سبيل المثال، إذا كانت وظيفةٌ ما تستلزم التمتع بمهارات إدارة المشاريع أو قيادتها، فاحرص على أن تبرز سيرتك الذاتية ما يدل على حيازة تلك المهارات.
وقد وقف استطلاع الرأي على الاختلافات القائمة بين أولويات التوظيف في المجال الأكاديمي والمجال الصناعي التي تستحق وضعها في الاعتبار عند صياغة سيرتك الذاتية. ففي المجال الأكاديمي، يحظى نشر الأبحاث والخبرة الفنية بالأخص بأهمية كبيرة. في حين يثمِّن القطاع الصناعي الخبرة القيادية. فعلى سبيل المثال، يُولِي 54% من القائمين على التوظيف في المجال الأكاديمي "أهمية قصوى" لسجل الباحث فيما يخص نشر أبحاث سابقة، مقارنةً بنسبتهم في المجال الصناعي التي تبلغ 25% فقط. وعلى النقيض من ذلك، يُولِي 31% من القائمين على التوظيف في المجال الصناعي أهمية قصوى للخبرة القيادية، سواء في عمل المرشحين أو في حياتهم الشخصية، مقارنةً بنسبتهم في المجال الأكاديمي التي تبلغ 19% فقط. ومن المفارقات، أن الخبرة المكتسبة في مجال التدريس تُعطَى مزيدًا من القيمة في المجال الصناعي عنها في المجال الأكاديمي.
وتظهر نتائج استطلاع الرأي تفضيل القائمين على التوظيف في المجال الصناعي للمرشحين المتمتعين بمجموعة واسعة من المهارات على أصحاب التخصص، الذي يكونون منشودين في الوظيفة الأكاديمية، بحسبما تفيد أدريانا بانكستون، الأكاديمية السابقة المتخصصة في السياسات البحثية، والتي تعمل حاليًّا في الكونجرس الأمريكي في العاصمة الأمريكية واشنطن. وتوضح قائلة إن المهارات القيادية مهمة في المجال الصناعي؛ إذ غالبًا ما يتعين على شاغل الوظيفة أن يتولى زمام مشروع ليس متخصصًا فيه، ويواصل ذلك حتى إنجازه. وتشير إلى أن المهارات الشخصية، من قبيل القيادة والتدريس، يمكن أن تحظى بمكانة متقدمة على رأس قائمة المهارات محل البحث. وتتابع قائلة: "فيما يخص المجال الصناعي، يعد التدريس نوعًا ما مهارة شخصية أخرى. فقد تُضطر إلى تعليم الآخرين مجال تخصصك". وتستطرد مبيِّنةً أنه يُعد أيضًا من طرق إظهار التمتع بمهارات التواصل، التي تحظى بقيمة في المجال الصناعي أكثر منها في المجال الأكاديمي.
ولئن كان لمحتوى سيرتك الذاتية أهمية شديدة، فلطريقة عرضها أهمية أيضًا. فتنسيقها الواضح الجذاب مرآة تنعكس عليها عنايتك بدقائق الأمور واحترافيتك.
ورغم أن الأخطاء الإملائية والنحوية في السيرة الذاتية ليست مثار الكثير من الانزعاج بين القائمين على التوظيف في الاستطلاع الذي أجرته دورية Nature (23% فقط من القائمين على التوظيف أشاروا إلى أنها خطأ شائع، مقارنة بـ 31% هي نسبة من انزعجوا من سوء التنسيق الشكلي)، فينبغي، مع ذلك، تجنُّبها إذا كنت تطمح إلى أن يُصنَّف طلبك في أعلى المراتب.
أهم النصائح - يقول قائد فريق بيولوجي أكاديمي في إثيوبيا: "اطلب من صديق أو زميل أن يقرأ المسودة الأولى لسيرتك الذاتية، وأن يقدم ملحوظاته عليها".
ويضيف قائد فريق علوم فيزيائية في حكومة إستونيا: "صمِّم أي شكل توضيحي في سيرتك الذاتية بنفسك؛ فهذا يُظهِر تفانيك وموهبتك وقدرتك على تصميم أشكال توضيحية جيدة في منشوراتك البحثية، بما في ذلك العناصر البسيطة في السيرة، على سبيل المثال، بعرض بيانات جهات الاتصال على شكل هاتف صغير مصنوع بدالَّة رياضية".
ويذهب قائد فريق أكاديمي معنيٌّ بعلوم الأرض والمحيطات في إيطاليا إلى ضرورة "إعداد سيرة ذاتية مختلفة لكل طلب وظيفة".
ارفق خطابًا شخصيًا قصيرًا للتعريف بك
في استطلاع الرأي الذي أجرته دورية Nature، لم يذكر إلا نصف القائمين على التوظيف أنهم يطلبون من المرشحين إرفاق طلب الوظيفة بخطاب تعريفي بالمتقدم لها. ومع ذلك، ربما يكون من الأفضل إرفاق هذا الخطاب على أي حال، حتى لو أدرجته في رسالة البريد الإلكتروني المحتوية على الطلب.
ومن المهم تخصيص هذا الخطاب للوظيفة المعروضة دون غيرها، شأنه في ذلك شأن سيرتك الذاتية. وتفيد نتائج الاستطلاع بأن نقص المعرفة بالأبحاث التي يُجريها فريق التوظيف وتقديم طلب وظيفة موحد لكل الوظائف هما الخطآن الأكثر شيوعًا بين المتقدمين للوظائف، وسرعان ما يكون مصير الخطابات غير المُواءَمة بصورة جيدة للوظيفة المُعلَن عنها هو سلة المهملات.
وينبغي أن تقدم ما يثبت دوافعك ومؤهلاتك، لا أن تكتفي بإدراج عبارات نمطية عامة مثل "أرغب في الاضطلاع بهذا الدور". وثمة نهج أكثر فاعلية يتمثل في شرح سبب رغبتك في شَغل الوظيفة، وكيف أن خلفيتك تجعلك مناسبًا لها.
ومع ذلك، يقدِّر القائمون على التوظيف تحلِّي المتقدمين للوظيفة بالإيجاز في الخطابات المُرفقة، ويرون أن تقتصر على بضع فقرات، دون أن تتجاوز صفحة واحدة على أي حال. ويوحي الإيجاز للقائم على التوظيف بأنك تحترم وقته، علاوة على إظهار قدرتك على الكتابة بوضوح وفاعلية.
تحذير بشأن الذكاء الاصطناعي: ذكَر القائمون على التوظيف في الاستطلاع أنهم ينزعجون عندما يبدو لهم دون أدنى شك أن الذكاء الاصطناعي قد استُخدم في كتابة الطلب الوظيفي، مشيرين إلى أن المحتوى المكتوب بالذكاء الاصطناعي يمكن أن يبدو باهتًا أو مفتقرًا إلى الأصالة. وقال بعضهم إنه يفضل إرفاق الطلب الوظيفي بخطاب تعريفي يحتوي على أخطاء إملائية على الخطاب الذي يبدو جليًّا أنه مكتوب بأداة محادثة آلية.
وعلى الرغم من أن أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «تشات جي بي تي» ChatGPT يمكن أن تساعدك في صقل الخطاب التعريفي بك، فلا بد من توخي الحذر في طريقة استخدامها. وتذكَّر أن مثل هذه الأدوات لا تعرف في كثير من الأحيان دوافعك الشخصية للتقدم للوظيفة، وقد تقترح عليك عبارات ضعيفة تبدو شديدة العمومية.
أهم النصائح - يقول قائد فريق بحثي وأكاديمي في مجال البحوث الطبية في الولايات المتحدة: "تجنَّب العبارات الفضفاضة، مثل "أجيد العمل الجماعي"، أو "أنا باحث ممتاز".
ويذهب باحث علمي في مجال علوم الأرض والمحيطات في الحكومة الألمانية إلى ضرورة "أن تَظهر بمظهر من يريد هذه الوظيفة تحديدًا، وليس أي وظيفة".
استعد استعدادًا تامًا للمقابلات الشخصية
إذا تجاوزتَ مرحلة الفرز الأوَّلي، فثمة فرصة أن تُدعى إلى إجراء مقابلة شخصية. وفي بعض الأحيان، قد يرتفع عدد هذه المقابلات. على الرغم من أن 34% فقط من القائمين على التوظيف في استطلاعنا يستخدمون مقابلات فرز أولى يُجريها فريق الموارد البشرية لقياس مدى ملاءمة المرشح للوظيفة. أمَّا في المجال الصناعي، فقد ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 47%.
والمقابلات أكثر العناصر تأثيرًا في قرار التوظيف (انظر "ما مراحل عملية التوظيف التي تؤثر على النتيجة أكثر من غيرها؟")، لا سيما في المجال الأكاديمي. فتركيز القائمين على التوظيف في المجال الصناعي على المقابلة الرسمية أقل، لكنهم، مع ذلك، يعتبرونها حاسمة في قراراتهم. لذا، استعِد جيدًا لأي مهام تُكلَّف بها في إطار عملية التقدم لشَغل الوظيفة، مثل تقديم العروض الإيضاحية. فبناء على نتائج الاستطلاع، تُعد مهارة تقديم العروض الإيضاحية، مثلها مثل المقابلات، واحدة من أهم خمسة عناصر تؤثر على عملية التوظيف. ويمكن لأصحاب التخصص العلمي، أن يستفيدوا، في عروضهم الإيضاحية، من عدد من النصائح في سرد واستعراض الموضوعات كي يتمكنوا من إيصال رسالتهم (انظر: go.nature.com/495xghb).
ولما كان التحضير غير الكافي للإجابة عن أسئلة المقابلة الشخصية يُعد، وفقًا لما انتهى إليه الاستطلاع، أحد أكثر الأخطاء شيوعًا التي يرتكبها المرشحون عند التقدم للوظائف، يُعد بذل جهد كاف في التحضير بالتبعية مُجدٍ ومستحق للعناء. فاستعِدَّ لشرح سبب ملاءمتك للوظيفة. ويُذكر في هذا الإطار أن القائمين على التوظيف في المجال الأكاديمي أفادوا بأن هذا الشرح غالبًا ما يتضمن إظهار كيف تتوافق اهتماماتك البحثية وإنجازاتك مع أهداف جهة العمل. وأجاب القائمون على التوظيف في المجال الصناعي بما مفاده أن الأمانة والصراحة والصدق سمات تحظى بتقدير كبير، لذلك، ينبغي التحلي بالشفافية عند الحديث عن خبراتك ودوافعك.
وجميعَ أنواع القائمين على التوظيف في استطلاعنا يستهويهم طرحُ الأسئلة التي تقيس حجم درايتك التقنية ومدى رغبتك في الانضمام إلى فريق البحث ودخول المجال، علاوة على طموحاتك وأهدافك وطريقة تعاملك مع التحديات والنزاعات. لهذا، استعد بقصص من خلفيتك أو أمثلة تشهد على مهاراتك وتدرَّبْ على سردها. ويُعد عقد مقابلات تدريبية مع صديق أو زميل يحظى بالثقة طريقة ممتازة للتدرب والتأكد من أن إجاباتك لا تبدو مصطنعة ومن أنها تنم عن ثقة في النفس.
وفي هذه المرحلة، فكِّر أيضًا فيما تريد معرفته من جهة العمل فيما يتعلق بالراتب والمزايا المقدمة وثقافة العمل السائدة. وإذا كانت هناك مقابلة فرز أوَّلي مع فريق الموارد البشرية، فعادةً ما يرغب الفريق في معرفة توقعاتك بشأن الراتب، للتأكد من أنها تقع ضمن نطاق ميزانيته.
أهم النصائح - يقول أحد أساتذة علم النفس في النرويج: "أجْرِ مقابلة تجريبية مع زملاء للحصول على تعليقاتهم بشأن أدائك".
ويضيف باحث في حكومة الولايات المتحدة: "اصقل أي مهارات مطلوبة قبل المقابلة، وحافِظ على انتباهك وتحاوَرْ وابتسم".
كن أمينا ومنصتًا في المقابلات
تستخدم حاليًّا معظم المؤسسات مزيجًا يجمع ما بين المقابلات التي تُجرَى وجهًا لوجه، وتلك التي تُجرى عبر الإنترنت، حيث يكون النوع الأول أكثر شيوعًا لدى الاقتراب من نهاية عملية الفرز الأوَّلي. ويصاحب تلك المقابلات تحديات جديدة. على سبيل المثال، ذكر نحو 25% من القائمين على التوظيف في المجال الصناعي في استطلاعنا أنهم واجهوا صعوبة في تقييم المرشحين في المقابلات التي أُجريت عن بُعد، وزادت النسبة في المجال الأكاديمي، لتصل إلى 36%.
ولم يستكشف الاستطلاع وجه هذه الصعوبة. لكن المشكلة المتكررة في المقابلات التي تُجرى عن بعد هي بذل جهود لبناء علاقة على المستوى الشخصي، كما يفيد جيم هارينجتون، مدير البحث عن المواهب في المبادرة الدولية للقاح الإيدز، وهي منظمة غير ربحية تتخذ من مدينة نيويورك مقرًّا لها، بناءً على مقابلات أجراها مع مئات المرشحين لوظائف علمية. فيضيف: "يميل الأفراد إلى توظيف الأشخاص الذين يشعرون تجاههم بالارتياح والألفة". لذا، في حال المقابلات عن بُعد، تدرَّبْ عن بُعد مع صديق أو زميل يحظى بثقتك على "الترويج لنفسك"، حتى تبلغ أسلوبًا يناسبك ويناسب طريقتك في التواصل، كما يقول هارينجتون.
وحاوِل، في حالة المقابلات التي تُجرَى عبر الإنترنت، العثور على موقع هادئ، يتمتع باستقرار الاتصال بالإنترنت به. وفي حالة ظهور مشاكل فنية، سيتفهم معظم القائمين على التوظيف ذلك، خاصة إذا كنتَ في منطقة جغرافية معروفة بعدم استقرار الاتصال بها. ومع ذلك، ابذل قصارى جهدك لاختبار أجهزتك سلفًا، مع تهيئة بيئة هادئة لا تسبب أي تشتت.
وأيًّا كان نوع المقابلة، فمن المهم الإنصات إلى الأسئلة والإجابة بأمانة وإيجاز. وقد أخبر العديد من القائمين على التوظيف دورية Nature بأنهم يفضلون أن يكون المرشحون على طبيعتهم، وأن يقروا بعدم المعرفة عندما لا يعرفون الإجابة عن الأسئلة، عوضًا عن إعطاء إجابات غير مدروسة أو تفتقر إلى الأمانة.
ويقول هارينجتون: "في بعض الأحيان يكثِر المتقدمون للوظائف من الحديث عن التوصيف الوظيفي الفعلي، في حين أن ما نريد الاستماع إليه حقيقةً هو أمثلة على مهاراتهم فيما يخص التفكير النقدي والتعلم وسرعة البديهة وحل المشكلات". ويستطرد قائلًا إن طرح الأسئلة لا بد من تذكُّره. ويوضح ذلك مبِّينًا: "أن عدم طرح المرشح لأي أسئلة باعث على الريبة".
وقد تُسأل عن سبب تركك لوظائفك السابقة. وعلى الرغم من ضرورة التمسك بالصدق في الإجابة دائمًا، فمن الأفضل أن تتجنب التحدث عن الإحباطات أو التجارب السلبية التي واجهتها لدى اضطلاعك بالأدوار الوظيفية السابقة. ورغم أن 16% فقط من القائمين على التوظيف يعدون مثل هذا الكلام مما يُنذر بمشكلة كبيرة، فمن الأفضل، جعل نبرة صوتك مُفعمة بالتفاؤل والإيجابية دائمًا، حتى عند وصف النزاعات أو التحديات.
أهم النصائح - يقول قائد فريق بيولوجي أكاديمي في الولايات المتحدة: "لا تخجل من طرح الأسئلة. فطرح الأسئلة يدل على التفاعل والاهتمام".
ويقول باحث علمي في شركة غير ربحية تعمل في مجال التقنيات الحيوية في إسرائيل: "أنصِت، ولا تسترسل في إجاباتك".
التفاوُض على عرض العمل وقبوله
إذا اتبعت الخطوات السابقة، فينبغي أن تكون لديك الآن فكرة كافية عن العرض الذي سيُقدَّم إليك. وعليك ألَّا تنتظر تلقِّي العرض قبل أن تتفاوض، بل عليك أن تتوخى الوضوح والصراحة طوال عملية التوظيف بشأن ما تبحث عنه من حيث الراتب والمزايا، مثل ساعات العمل المرنة أو فرص التدريب.
وتشير نتائج استطلاعنا إلى أن مَيْل المرشحين في المجال الصناعي إلى التفاوض على حزمة المستحقات ومدة العقد يزيد عنه في حالة المرشحين في المجال الأكاديمي بأكثر من الضعفين، في حين يزيد مَيْل الفريق الأول إلى مناقشة المزايا بمقدار ثلاثة أضعاف عن الفريق الآخر. إذ غالبًا ما يجد الأكاديميون صعوبة بالغة في تحديد المقابل المادي للمهارات التي يقدمونها في الوظيفة، خاصةً عند الانتقال إلى وظائف في قطاع الصناعة. ومع ذلك، تذكر أن التفاوض ممكن حتى لدى التقدم لشَغل وظيفة أكاديمية، لا سيما فيما يتعلق بالمزايا غير النقدية، مثل حضور المؤتمرات أو الاستفادة من الموارد البحثية الإضافية (انظر "عناصر عرض العمل التي يَكثُر التفاوض عليها").
وقد أفاد القائمون على التوظيف بأن عدم عرض راتب تنافسي يشكل أحد أهم الأسباب التي تجعلهم يخسرون المرشحين، لا سيما في المجال الأكاديمي. فادرس بعناية الرواتب والمزايا المعتاد أن يحصل عليها شاغلو الوظائف المماثلة في مجالك، وقارِنها بما تقدمه الوظيفة التي تتقدم لشَغلها. وإذا كانت نفقات الانتقال للإقامة حيث يوجد مقر العمل تشغل بالك، فعليك بإثارة هذه المسألة، لأن في وسع بعض جهات العمل تقديم المساعدة.
وقد استحسن المشاركون في الاستطلاع فكرة صوغ متطلباتك لأداء الوظيفة في إطار يحقق المنفعة المتبادلة. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تتفاوض على نفقات حضور المؤتمرات، فاشرح كيف سيساعدك ذلك على صقل مهاراتك وتوسيع شبكات معارفك، بما يعود بالنفع على المؤسسة على المدى الطويل. بخطوة كتلك، يتمتع المرشحون الذين أبدوا استعدادًا جيدًا لعملية التوظيف، ممن يمكنهم بيان القيمة التي سيضيفونها إلى الدور الوظيفي المرتقب، بوضعٍ أقوى يمكِّنهم من التفاوض.
في هذا الصدد، يقدم هارينجتون بعض من أهم النصائح للخطوات الأخيرة في العملية. فيرى ضرورة الاستعداد لتحديد أولوياتك وترتيبها، متى كانت جهة العمل غير قادرة على تلبية جميع متطلباتك لأداء الوظيفة. ولا يرى بأسًا في الرجوع خطوة إلى الخلف، وطلب مزيد من المال فور تلقِّي العرض. ويضيف أن طلب ذلك أكثر من مرة لن يغير النتيجة على الأرجح، بل قد يعطي فريق التوظيف انطباعًا بصعوبة العمل معك.
وفي الختام، إذا كان عرض العمل لا يلبي احتياجاتك، فلا بأس من التراجع. ومع ذلك، ينبغي أن تظل متحلِّيًا بالاحترافية وبالكياسة طوال العملية؛ كي تحافظ على علاقاتك الإيجابية بالقائمين على التوظيف. فلا تدري، لعل فرصًا مستقبلية تجمعكم مرة أخرى.
doi:10.1038/nmiddleeast.2025.5
تواصل معنا: