العلوم في عام 2025: أبرز الفعاليات التي يجب متابعة مستجداتها في العام المقبل
20 January 2025
نشرت بتاريخ 20 يناير 2025
عقارات مبتكرة لمكافحة السمنة، وأخرى مُعاد توظيفها، وبعثات فضائية جريئة، وسياسات لمكافحة تغير المناخ؛ هذه وغيرها من التطورات التي من المتوقع أن تشكل ملامح البحوث في عام 2025.
Credit: BAE Systems
عقاقير إنقاص الوزن التي تصنع العجائب
عقب النجاح المدوي الذي حققه عقّار «ويجوفي» Wegovy "المعجزة" (المادة الفعالة «سيماجلوتايد» semaglutide) ونواهض مستقبلات الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 (GLP-1) الأخرى، من المتوقع أن يأتي عام 2025 وفي جعبته المزيد من النتائج والتراخيص لمجموعة كبيرة جديدة من العلاجات التي تستهدف السمنة. فمثلًا، سوف تختتم شركة المستحضرات الدوائية «إيلي ليلي» Eli Lilly، الواقعة في مدينة إنديانابوليس بولاية إنديانا الأمريكية، المرحلةَ الثالثة من التجربة الإكلينيكية لعقّارها الفموي «أورفورجليبرون» orforglipron التي تهدف إلى تقييم سلامة العقّار على المدى الطويل لدى المصابين بداء السكري من النوع الثاني. ومن أبرز مزايا هذا العقار أنه أسهل في الإنتاج مقارنة بالعلاجات الحالية، ومن المتوقع أن يكون أرخص منها.
وفي عام 2025 أيضًا، تواصل شركة «إيلي ليلي» تجاربها على عقارها ثلاثي المفعول «ريتاتريوتايد» retatrutide، الذي أظهر كفاءة غير مسبوقة في المرحلة الثانية من التجارب؛ حيث فقد أولئك الذين تناولوا أعلى جرعة منه 24.2% من وزنهم خلال 11 شهرًا (في مقابل فقدان يتراوح ما بين 15% و20% من الوزن خلال الفترة نفسها باستخدام العقاقير الحالية). وتستعد شركة أخرى، هي شركة «أمجين» Amgen، التي يقع مقرها في ثاوزاند أوكس بولاية كاليفورنيا الأمريكية، لتجربة إكلينيكية في المرحلة الثالثة على عقّارها «ماريتايد» maritide الذي يؤخذ شهريًّا، والذي يستهدف مسارين أساسيين لتنظيم مستويات السكر في الدم والأيض.
وفي إطار هذه التطورات، سوف يواصل الباحثون استكشاف إمكانيات نواهض مستقبلات الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 لعلاج أمراض أخرى، مثل داء باركنسون، وألزهايمر، والإدمان.
قد يشهد هذا العام أيضًا نقلةً نوعية في علاج الألم. فمن المتوقع أن تُتمم الجهات التنظيمية الأمريكية مراجعة مُسكّن الألم غير الأفيوني «سوزيترايجين» suzetrigine في شهر يناير. وإذا ما حصل هذا العقّار، الذي تصنعه شركة المستحضرات الدوائية «فيرتكس» Vertex، الكائنة في مدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس الأمريكية، على تصريح بالاستخدام، فإنه سيكون ضمن أول فئة جديدة من العقاقير المخصصة لعلاج الألم الحاد منذ أكثر من عشرين عامًا.
عودة ترامب
ها هو دونالد ترامب يعود إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية هذا الشهر، مما قد يؤدي إلى حدوث تحولات جارفة في السياسات العلمية الأمريكية، وقد يكون له تداعيات تمتد إلى شتى أنحاء العالم. خلال فترة رئاسته السابقة، قاد ترامب بلاده إلى الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، الموقَّعة عام 2015، والتي تهدف إلى الحد من الاحترار العالمي، بحيث لا تتجاوز درجات الحرارة 1.5 – 2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. وتتزايد المخاوف في صفوف الباحثين من تكرار الأمر مجددًا، فضلًا عن مخاوف من تراجع الولايات المتحدة عن اللوائح والضوابط المناخية المفروضة على محطات توليد الطاقة والسيارات.
من المتوقع أيضًا أن يشهد عهد ترامب القادم سياساتٍ مثيرةً للجدل تحمل في طياتها آثارًا كبيرةً على الصحة الإنجابية والطب. وبالفعل قُوبل ترشيحه لروبرت كيندي جونيور - المعروف بتشكيكه في اللقاحات - لشغل منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية، بموجة من الانتقادات في الأوساط العلمية. كما أن تعيين الملياردير إيلون ماسك قائدًا لهيئة استشارية تُسمى "وزارة الكفاءة الحكومية"، قد يحمل تبعاتٍ اقتصاديةً خطيرةً على الوكالات العلمية التي قد تتأثر ميزانياتها والقوى العاملة فيها. وإبان حملته الانتخابية، تعهد ترامب بإلغاء القرار التنفيذي للرئيس جو بايدن بشأن الذكاء الاصطناعي (AI)، الذي يتضمن إرشاداتٍ ومعاييرَ لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي على نحو آمن ومسؤول.
الاستعداد للجوائح
يشهد شهر مارس من عام 2025 مرور خمس سنوات على بداية تفشي جائحة «كوفيد-19»، التي حصدتْ ملايين الأرواح، وفرضتْ تدابير إغلاق واسعة النطاق، وعجّلتْ بتطوير اللقاحات وطرحها.
ومع ذلك، لا يزال العالم في طور التعلم فيما يخص كيفية الاستعداد للجوائح المستقبلية والوقاية منها؛ فها هي الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية (WHO) لم تتمكن من الوفاء بالموعد المحدد في يونيو من عام 2024 للتوصل إلى معاهدة عالمية لمكافحة الجوائح. وقد وصلت المحادثات إلى طريق مسدود على إثر الخلافات حول قواعد مشاركة عينات المُمْرضات وتسلسلاتها الجينية، وكذلك حول التقنيات المستخدمة التي يمكن أن تُمكن الدول منخفضة ومتوسطة الدخل من إنتاج اللقاحات، والعقاقير، ومجموعات الاختبارات السريعة في وقت الجوائح. رغم هذه العراقيل، تبذل الدول الأعضاء قصارى جهدها الآن لإنهاء نص الاتفاقية بحلول شهر مايو من عام 2025. تأتي هذه المساعي في وقت حساس: ففي شهر أغسطس الماضي حدّثتْ منظمة الصحة قائمتها بالمُمْرضات التي عساها أن تكون الشرارة التي تشعل الجائحة القادمة لتشمل ما ينيف على 30 كائنًا دقيقًا؛ بما في ذلك الفيروسات المسببة لـ«الإنفلونزا أ»، و«حمى الضنك»، و«جدري القردة».
سبر الجسيمات
يتطلع علماء فيزياء الجسيمات إلى بدء تشغيل مشروع «مصدر التشظِّي النيوتروني الأوروبي» European Spallation Source (ESS) بالقرب من مدينة لوند في السويد في عام 2025، بعد أعمال التشييد والبناء التي استمرت لأكثر من عقد. سوف تتمكن هذه الآلة العملاقة من توليد نبضات نيوترونية عن طريق تسليط شعاع من البروتونات - المُسرّعة إلى سرعة تقارب سرعة الضوء - على هدف فلزي ثقيل. سوف يستخدم العلماء هذه النيوترونات المولَّدة في هذا المشروع لسبر بنية المواد.
في تلك الأثناء، من المتوقع أن تنتهي في عام 2025 أيضًا دراسة جدوى مفصلة وشاملة لمشروع مصادم فائق، مقترح إنشاؤه في المختبر الأوروبي لفيزياء الجسيمات «سيرن» CERN الذي يقع بالقرب من مدينة جنيف في سويسرا، بميزانية تُقدر بـ17 مليار دولار أمريكي. تتولى الدراسة تقييم التكلفة، والمناحي الفنية، والآثار البيئية المترتبة على تشييد مُسارع جسيمات محيطه 91 كيلومترًا، الذي أُطلق عليه اسم "المصادم الدائري المستقبلي" Future Circular Collider، والذي صُمم ليحل محل مصادم الهدرونات الكبير. ولسوف يكون تقرير الدراسة بمثابة الركيزة التي تستند إليها عملية اتخاذ القرار النهائي بشأن إنشاء المصادم الدائري المستقبلي في عام 2028.
أجهزة لقراءة الأفكار
تعتزم الصين في عام 2025 اختبار تقنيات واجهات التفاعل الحاسوبي الدماغي BCI، التي قد تباري الغرسات التي تنتجها شركة «نيورالينك» Neuralink، المملوكة لإيلون ماسك، ومقرها في مدينة فريمونت بولاية كاليفورنيا الأمريكية. فقد أعلنتْ وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية عن خططها لتطوير أجهزة واجهات التفاعل الحاسوبي الدماغي لتوظيفها في تطبيقات متعددة، تتنوع ما بين إعادة التأهيل الطبي وصولًا إلى الواقع الافتراضي. من أبرز هذه المنتجات جهاز «نيو» NEO، وهو عبارة عن واجهة حاسوبية دماغية بلا أسلاك، وتنطوي على تدخل جراحي محدود. كما يحتوي الجهاز على ثمانية أقطاب كهربائية تُوضع على القشرة الحسية الحركية في الدماغ، بهدف استعادة القدرة على تحريك اليد لدى الأشخاص المصابين بالشلل. بدأت التجارب الإكلينيكية على جهاز «نيو» في عام 2023، وجاءت نتائجها المبكرة واعدةً، حيث تمكن أحد المشاركين الذي كان يعاني من إصابة في الحبل الشوكي من تناول الطعام والشراب والإمساك بالأشياء بعد تسعة أشهر من استخدام واجهة التفاعل الحاسوبي الدماغي بالمنزل. ويعتزم الباحثون القائمون على هذه التقنية توسعة نطاق تجاربهم في عام 2025.
استطلاع الكون
في سابقة هي الأولى من نوعها، حطت مركبة فضائية خاصة بنجاح على سطح القمر في عام 2024. والآن، من المتوقع أن يشهد عام 2025 زخمًا كبيرًا في الأنشطة والبعثات القمرية. ففي شهر يناير، سوف تطلق شركة «آي سبيس» ispace، التي تتخذ من طوكيو مقرًا لها - والتي كانت قاب قوسين أو أدنى من الهبوط بمركبتها على سطح القمر في عام 2023 - محاولتَها الجديدة تحت اسم «فينشر مون» Venture Moon التي من المقرر أن تحمل على متنها مركبة إنزال ومركبة جوالة صغيرة. وبعدها بوقت قصير، سوف ترسل شركة «إنتويتيف ماشينز» Intuitive Machines التي يقع مقرها في مدينة هيوستن بولاية تكساس، مركبة إنزال إلى قطب القمر الجنوبي. هذه المرة سوف تحمل المركبة الفضائية حفار جليد ومقياسًا للطيف الكتلي تابعَين لوكالة «ناسا» لتحليل المواد القابعة تحت سطح القمر. وفي إطار المهمة نفسها، سوف تدور مركبة «ناسا» ذات التصميم الصندوقي «لونار تريلبليزر» Lunar Trailblazer حول القمر لاكتشاف مواقع المياه على سطحه وتوثيقها.
ثم هناك أيضًا بعثتان أخريان مخصصتان لدراسة الرياح الشمسية، وهي دفقات من جسيمات مشحونة تنبعث من الغلاف الخارجي للشمس، من المقرر إطلاقهما في عام 2025. أولهما بعثة القمر الصناعي «سمايل» SMILE (اختصار Solar Wind Magnetosphere Ionosphere Link Explorer) - مشروع مشترك بين وكالة الفضاء الأوروبية والأكاديمية الصينية للعلوم - سوف تعنى بدراسة تفاعل الرياح الشمسية مع المجال المغناطيسي للأرض. وأما بعثة «بانش» PUNCH (اختصار Polarimeter to Unify the Corona and Heliosphere) التابعة لوكالة «ناسا»، فسوف تتعمق في دراسة الغلاف الشمسي، حيث ستلتقط صورًا ثلاثية الأبعاد تساعد في الإجابة عن أسئلة متعلقة بكيفية تدفق هذه الطاقة إلى النظام الشمسي، تلك المسألة التي لطالما حيرتْ علماء الفلك طيلة ستين عامًا.
من المزمع أيضًا أن تطلق «ناسا» بعثةً أخرى في عام 2025 هي مهمة مرصد «سفير إكس» SPHEREx (اختصار Spectro-Photometer for the History of the Universe, Epoch of Reionization and Ices Explorer)، الذي سوف يوثق السماء بأسرها بـ102 لون لأول مرة باستخدام أشعة المنطقة القريبة من الأشعة تحت الحمراء. وعلى مدار عامين، سيتولى القمر الصناعي جمع البيانات حول ما ينيف على 450 مليون مجرة، وأكثر من 100 مليون نجم في مجرة درب التبانة، ما سيعين العلماء على فهم أسرار نشأة الكون.
مؤتمر «كوب» يتمم عامه الثلاثين
بانعقاد قمة المناخ «كوب 30» في مدينة بليم البرازيلية في نوفمبر من عام 2025، سوف تشهد محادثات الأمم المتحدة المناخية إتمام ثلاثة عقود من الحوار العالمي حول العمل المناخي؛ حيث تتطلع البلدان إلى حسم القرارات المتعلقة بالتمويل، العالقة من مؤتمر «كوب 29» الذي عُقد في عام 2024. من هذه القرارات التمويلية؛ سبل تأمين 300 مليار دولار أمريكي سنويًّا لدعم العمل المناخي في البلدان النامية بحلول عام 2035؛ وتحديد الحصص التي سوف تُمنح بوصفها دعمًا مباشرًا بدلًا من القروض؛ فضلًا عن مصادر هذه الأموال.
وأما عن المفاوضات بشأن إبرام معاهدة للأمم المتحدة لمكافحة تلوث البيئة بالبلاستيك، فمن المتوقع أن تستمر أيضًا في عام 2025 عقب انتهاء الجولة الأخيرة من المحادثات في ديسمبر الماضي دون التوصل إلى اتفاق نهائي. تهدف المعاهدة إلى إرساء إطار عمل دولي مُلزِم قانونًا لتنظيم إنتاج واستخدام البلاستيك بطريقة مستدامة.
رؤية الغابات من الفضاء
إطلاق قمرين صناعيين جديدين سوف يوفر لباحثي المناخ فرصًا قيمةً للتعمق في دراسة الغابات والكوارث الطبيعية. حيث ستتولى بعثة نيسار NISAR (اختصار NASA-ISRO Synthetic Aperture Radar)، وهي ثمرة التعاون بين وكالة «ناسا» ومنظمة أبحاث الفضاء الهندية، توثيقَ كافة أسطح الأرض تقريبًا، البرية منها وتلك المكسوة بالجليد، مرتين كل 12 يومًا. وهنالك أيضًا بعثة «بيوماس» Biomass التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، التي سوف تنطلق من بلدية كوروا بمنطقة غيانا الفرنسية، حيث ستعمد إلى قياس الكتلة الحيوية للغابات باستخدام الرادار، ومنها سوف تدرس دورها في دورة الكربون. والبيانات الناتجة عن هاتين البعثتين يمكن استخدامها ركيزةً للمناقشات المستقبلية حول الالتزامات الهادفة إلى القضاء على إزالة الغابات.
هذه ترجمة المقال الإنجليزي المنشور بدورية Nature بتاريخ 17 ديسمبر 2024.
doi:10.1038/nmiddleeast.2025.6
تواصل معنا: